India después de Gandhi: La historia de la democracia más grande del mundo
الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم
Géneros
إلا أن الدولة القومية الهندية الجديدة لم تكن بالغة الصلابة هي الأخرى؛ فقد تبين عدم إتزانها في اختيارها ضابطا مسلما مات أثناء القتال في كشمير باعتباره بطلا علمانيا. صحيح أن الجيش الهندي كان مكونا من رجال من جميع الديانات خلافا للجيش الباكستاني - من بين كبار قياداته كان رجل سيخي وآخر بارسي وكورجيان آتيان من مجتمع يقطن هضاب جنوب الهند، ويروق له اعتبار نفسه «غير هندوسي» - إلا أن القائد الذي حظي بأكبر قدر من الإجلال كان مسلما. تلقى ذاك الرجل - العميد عثمان - تعليمه في الله آباد وساندهيرست، واختار البقاء في الهند ساعة التقسيم. قيل إن باكستان كفرته، وإن حكومة آزاد كشمير عرضت مكافأة قيمتها 50 ألف روبية لمن يأتي به حيا أو ميتا.
خلال شهري يناير وفبراير من عام 1948، تصدى عثمان ورجاله لهجوم شرس على نوشهره، وفي يوليو من ذلك العام، استشهد في المعركة، فكتب صحفي هندي أن «حياة ثمينة زاخرة بالخيال وبوطنية لا تلين، سقطت ضحية التعصب الطائفي. سيظل النموذج الشجاع الذي مثله العميد عثمان مصدر إلهام دائم للهند الحرة».
72
ونعى زعماء حزب المؤتمر وفاته على الملأ، بدءا من جواهر لال نهرو وصولا إلى أسفل السلم الوظيفي. ولم تقتصر الإشادات الوافدة بالثناء على شجاعته فحسب، وإنما شخصه أيضا؛ فقيل لعامة الشعب الهندي إنه إضافة إلى كونه ضابط جيش، فقد كان «نباتيا لا يدخن ولا يعاقر الخمر». أعيد جثمانه من كشمير إلى دلهي ودفن بتكريم عسكري كامل، ووضع قبره إلى جوار قبر الدكتور إم إيه أنصاري، القومي المسلم الشهير الذي كان من الجيل السابق.
73
يمكن القول إن العميد عثمان كان في نظر الجيش الهندي كالشيخ عبد الله في نظر السياسة الهندية؛ رمزا لما يفترض أن تتسم به الدولة من علمانية شمولية، وتأكيدا على أنها إن كانت ستوصف بشيء، فهو أنها الوجه المقابل لباكستان؛ حيث الانعزالية والتعصب الديني.
كلا الطرفين وظفا رجالا وأموالا في معركة كشمير، والأهم من ذلك أن كلا منهما وظف أيديولوجيته المتعلقة بصفة الدولة. وتجسد الصدام بين الأيديولوجيتين في نقاش بشأن مستقبل كشمير نظمته إحدى الصحف الأسبوعية الرائدة في بومباي. كان بطلا النقاش صحفيين شابين؛ كلاهما مسلم، ولكن أحدهما هندي والآخر باكستاني. طلب من كل منهما الإجابة عن سؤال : كيف سيصوت الكشميريون إذا نجحت الأمم المتحدة في إقامة استفتاء شعبي؟
كان المتحدث باسم الهند هو الروائي وكاتب السيناريو الموهوب خواجة أحمد عباس. قال إن ربع سكان كشمير يؤيدون الشيخ عبد الله وحزب المؤتمر الوطني الكشميري بقوة، وتلك هي العناصر «التقدمية» ذات الوعي السياسي. ربع آخر يعارض الشيخ عبد الله بالقوة ذاتها، هؤلاء هم «من تشبعوا تماما بالأيديولوجية الباكستانية». ونصف الناخبين لم يحسموا موقفهم، ويمكن أن يميلوا إزاء أي الطرفين؛ فهؤلاء منجذبون إلى شخص عبد الله، ولكنهم أيضا «متأثرون بدعوة أن الإسلام في خطر». ظن عباس أنه عندما يأتي يوم الحساب، سترجح ذكريات الأعمال الوحشية التي ارتكبها الغزاة وجاذبية الأيديولوجية العلمانية التقدمية كفة الهند، إلا أن الهند إذا «أرادت التأكد تماما من الحصول على أغلبية كافية ومقنعة»، فلا بد من تنحية المهراجا وأسرته، والسماح للشيخ عبد الله بإتمام تطبيق برنامجه الاقتصادي.
74
في الأسبوع التالي، رد على عباس صحفي مقيم في كراتشي يدعى وارس إسحاق، كان يرى أن تأثير الدين سيكفل النصر لباكستان في أي استفتاء شعبي يجرى في كشمير، وقال إن الإسلام ليس مجرد دين، وإنما ثقافة وأسلوب حياة، والكشميريون لن يغضوا الطرف عن دعوة الإيمان إلا في حالة واحدة: إن حققت الهند فعلا زعمها أنها دولة علمانية. إلا أن وضع الأقليات بعد وفاة غاندي كان محفوفا بالمخاطر. وكتب إسحاق أن رفع الحظر عن التنظيم المتحيز للهندوس - راشتريا سوايامسيفاك سانج - على وجه الخصوص «أقنع المسلمين في جميع أنحاء الهند أخيرا، ولا سيما في كشمير، بأن وضعهم في الهند سيظل وضع الأقلية المقهورة». فعندما تحين اللحظة الحاسمة، سيصوت أكثرية أهل كشمير على الانضمام إلى «مجتمع الأمم الإسلامية».
Página desconocida