India después de Gandhi: La historia de la democracia más grande del mundo
الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم
Géneros
67
7
في أغسطس 1947، نشر مسئول بريطاني مخضرم كان قد خدم في شبه القارة الهندية مقالا يحمل عنوانا واعدا هو «الهند والمستقبل». كانت الهند البريطانية قد قسمت لتوها إلى دولتين جديدتين، وسأل الكاتب: «هل سيقف الانقسام عند ذلك الحد؟» أم أن شبه القارة ستتفتت «إلى عدد لا يحصى من الدول الصغيرة المتناحرة؟» بدا عدم الاستقرار ملازما لباكستان، وكان ثمة احتمال كبير بأن تتحول الأجزاء الشمالية الغربية منها إلى دولة مستقلة تحت اسم «بشتونستان». لم تكن الهند أكثر استقرارا بالضرورة، ومن ثم كان «يعتقد كثير من المراقبين الأكفاء أن مقاطعة مدراس ستنفصل في نهاية المطاف لتصير دولة مستقلة تماما». أما عن الولايات الأميرية، فأصغرها وأضعفها لن يكون أمامه خيار سوى الانضمام إلى الهند، إلا أن «الولايات الجنوبية الكبيرة - ولا سيما حيدر أباد وميسور وترافنكور - وضعها مختلف تمام الاختلاف؛ إذ يمكنها - إن لزم الأمر - أن تحتفظ بكيان مستقل، ومن المستبعد أن تردعها تهديدات حزب المؤتمر الأخيرة عن اتخاذ قرارها في هذا الصدد على أساس مصلحتها الشخصية فحسب».
وأنهى ذاك المتنبئ كلامه قائلا: «من المرجح أن تنقسم الهند البريطانية في النهاية إلى ثلاثة أو أربعة بلدان، إلى جانب اتحاد فيدرالي مكون من الولايات الهندية الجنوبية، وسيمثل ذلك ما يشبه ردة إلى النمط السائد في الهند إبان القرن السادس عشر.»
68
علما بالفرص المتاحة آنذاك - والمعارضة - فقد كان دمج تلك الولايات المتعددة المتفرقة إنجازا مذهلا بحق، وقد تمت المهمة بسلاسة وشمولية بالغتين إلى حد أن الهنود سرعان ما نسوا أن ذلك لم يكن بلدا واحدا فيما مضى، وإنما 500 بلد. وخلال عامي 1947 و1948 كان خطر التفكك ملموسا بحق، إثر وجود «خلايا الدسائس» على غرار بوبال وترافنكور و«نقاط الهجوم الاستراتيجية» مثل حيدر أباد، ولكن بعد مرور خمسة أعوام لا أكثر على تنازل آخر مهراجا عن أرضه، كان الهنود «قد صاروا يعتبرون الهند الموحدة أمرا مسلما به إلى حد أن مجرد تخيل وضع مختلف الآن صار يتطلب مجهودا ذهنيا كبيرا».
69
إن وضع الأمراء الهنود في التكوين السياسي الهندي «كان بلا نظير أو شبيه في أي مؤسسة عرفها التاريخ»، إلا أنه من خلال «مفاوضات سلمية ودية» تفتت المشيخات، وصار «يصعب تمييزها عن الوحدات الديمقراطية الأخرى التي يتألف منها الاتحاد الهندي».
وردت تلك الكلمات في كتيب أصدرته الحكومة الهندية عام 1950. وقد كانت تستحق تهنئة ذاتها عن جدارة؛ إذ تحول 500 «مركز استبداد إقطاعي إلى وحدات حرة وديمقراطية ضمن الاتحاد الهندي» دون خسائر كبيرة في الأرواح، و«تلاشت النقاط الصفراء على الخريطة» التي مثلت تلك المشيخات، و«رجعت السيادة والسلطة إلى الشعب». وأردف الكتيب يقول: «لأول مرة صار ملايين من الناس المعتادين على العيش في مجموعات ضيقة منعزلة في الولايات جزءا من الحياة الكبرى في الهند، وصار بإمكانهم استنشاق هواء الحرية والديمقراطية الذي ساد البلاد كلها.»
وبما أن ذلك كان كتيبا رسميا، فقد نسب فضل إتمام المهمة بطبيعة الحال إلى الرجل المسئول؛ حيث كتب الصحفيون: «ما عجز المندوبون الساميون البريطانيون عن تحقيقه عقب قرنين من الجهود المتواصلة، أنجزه السردار فالابهاي باتيل من خلال مناشدته المقنعة للمشاعر النبيلة لطبقة الأمراء.»
Página desconocida