India después de Gandhi: La historia de la democracia más grande del mundo
الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم
Géneros
وقد تحدث غاندي أيضا في أحد معسكرات منظمة راشتريا سوايامسيفاك سانج؛ تلك المنظمة التي أسسها طبيب من مهاراشترا عام 1925، وكانت هيئة مترابطة متحمسة من شباب الهندوس. كان غاندي معجبا بانضباطهم وغياب حس الطوائف الاجتماعية لديهم، وإن لم يعجبه عداؤهم للديانات الأخرى؛ فأخبر أعضاء المنظمة أنه «إن شعر الهندوس بأنه لا مكان لسواهم في الهند، وأن غير الهندوس - لا سيما المسلمين - إن أرادوا العيش هناك فعليهم أن يعيشوا عبيدا للهندوس، فستكون تلك طعنة في مقتل للهندوسية». فقد كان غاندي يرى أن المنظمة كانت «كيانا حسن التنظيم والانضباط»، إلا أنه أخبر أعضاءها أن «قوتها يمكن أن تستخدم إما في صالح الهند وإما ضدها؛ فهو لم يدر ما إذا كان ثمة جانب من الصواب في الاتهامات [بالتحريض على الكراهية الطائفية] الموجهة إلى المنظمة، ومن مصلحة المنظمة أن تظهر من خلال سلوكها المتسق أن تلك الاتهامات عارية من الصحة».
29
وخلافا لغاندي، لم يكن جواهر لال نهرو ميالا إلى إحسان النية بتلك المنظمة الهندوسية؛ فقد قال لوزير داخليته فالابهاي باتيل: «يبدو واضحا لي أن منظمة راشتريا سوايامسيفاك سانج اضطلعت بدور كبير في الاضطرابات السائدة، ليس في دلهي فحسب، وإنما في سائر الأنحاء؛ ففي أمريتسار كان نشاطها واضحا وضوح الشمس.» نبعت مشاعر نهرو تجاه المنظمة من مخاوفه الأعمق إزاء الوضع الطائفي، فقد رأى أنه «ثمة محاولة حسنة التنظيم لا شك فيها من عناصر فاشية سيخية وهندوسية بعينها للإحاطة بالحكومة، أو على الأقل تفتيت قوامها الحالي، فقد تخطى الأمر حد الاضطرابات الطائفية؛ فقد كان كثير من هؤلاء الناس قساة عتاة إلى أقصى حد، وتصرفوا كإرهابيين خالصين».
30
وكان ثمة داع أكبر للقلق؛ إذ عمل أولئك المتعصبون في «مناخ مؤات فيما يتعلق بالرأي العام»؛ ففي دلهي بالذات، كان اللاجئون الهندوس والسيخ من باكستان متعطشين للدماء. لكن رئيس الوزراء أصر على أن تكون الهند مكانا يمكن للمسلمين أن يعيشوا ويعملوا فيه بحرية. وقد كتب رجل إنجليزي من الموظفين التابعين للحاكم العام في مذكراته يقول:
مشاهدة نهرو عن كثب في تلك المحنة تجربة ملهمة؛ فهو يؤكد إيمان المرء بالإنسانية والعقل المتحضر، إذ يكاد يقف وحيدا في غمار الطائفية بكل صورها، من دسائس الأفراد إلى الجنون الجماعي؛ فهو يتحدث بصوت المنطق والخير.
31
استجابة لمبادرة غاندي ونهرو، مرر حزب المؤتمر الوطني قرارا بشأن «حقوق الأقليات»؛ فالحزب لم يقبل قط «نظرية الدولتين»، وإذ اضطر رغما عن إرادته إلى قبول التقسيم، كان ما زال مقتنعا بأن «الهند أرض ديانات وأعراق متعددة، ولا بد أن تظل هكذا»، وأن أيا كان الوضع في باكستان، ستكون الهند «دولة علمانية ديمقراطية يتمتع فيها المواطنون جميعا بحقوق كاملة، وكلهم سواسية في تمتعهم بحق حماية الدولة، بصرف النظر عن الديانة التي يعتنقونها». وود حزب المؤتمر أن «يطمئن الأقليات في الهند إلى أنه سيستمر في حماية حقوقهم كمواطنين من الاعتداء عليها بكل ما أوتي من قوة».
32
إلا أن منظمة راشتريا سوايامسيفاك سانج كانت متشككة بقوة إزاء وجهة النظر تلك. كان زعيمها رجلا نحيفا ملتحيا تخرج في كلية العلوم يدعى إم إس جلوالكر، وكان معارضا بشدة لفكرة الدولة العلمانية التي لا تميز بين المواطنين على أساس الدين؛ ففي الهند التي يتصورها:
Página desconocida