India después de Gandhi: La historia de la democracia más grande del mundo
الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم
Géneros
في أبريل 1948، زار رئيس تحرير صحيفة كلكتا «ستيتسمان» نانكانا صاحب، وهناك التقى مجموعة من السيخ سمحت لهم باكستان بالبقاء لحراسة المعبد. وبعد بضعة أشهر، زار مركز الطائفة الأحمدية المسلمة - بلدة قاديان - في البنجاب الهندي. كانت مئذنة مسجد الأحمدية المهيبة مرئية من على بعد أميال في محيطها، ولكن لم يعد يسكن في نطاقها آنذاك سوى 300 من أتباع تلك الطائفة. خلافا لذلك، استولى على البلدة 12 ألف لاجئ هندوسي وسيخي. وفي كل من قاديان ونانكانا صاحب كان ثمة «نقص واضح في أعداد المصلين اليوميين، وشعور الخواء الموجع والانتظار والأمل، ... وإيمان عززته المحن المذلة».
5
2
كان أغلب النازحين من البنجاب الغربية مزارعين، ولكن كثيرا منهم أيضا كانوا حرفيين وتجارا وعمالا؛ فأنشأت الحكومة بلدات جديدة لاستقبالهم، إحداها - فريد أباد - التي كانت على بعد عشرين ميلا جنوبي العاصمة دلهي، وكان من التنظيمات النشطة فيها الاتحاد التعاوني الهندي بقيادة كمالا ديفي تشاتوبادياي؛ الناشطة الاشتراكية والنسوية الوثيقة الصلة بمهاتما غاندي.
معظم سكان فريد أباد كانوا لاجئين هندوسيين من المقاطعة الشمالية الغربية الحدودية، وقد شجعهم أخصائي اجتماعي يدعى سودير جوش على بناء منازلهم بأنفسهم، إلا أن الحكومة أرادت أن تشيد المنازل عن طريق إدارة الأشغال العامة التابعة لها، المعروف عنها التباطؤ والفساد، والمشهورة بلقبي «إدارة الإهدار العام» و«النهب المأمون». احتجاجا على ذلك، حاصرت مجموعة من اللاجئين منزل رئيس الوزراء في دلهي. كان ذلك مصدر «إزعاج» لنهرو، الذي وجدهم أمامه كل يوم عند ذهابه إلى العمل، ولكنهم على الأقل جعلوه «يمعن التفكير في المشاكل» التي تواجه اللاجئين. وفي تسوية تليق بالأسلوب الهندي، سمح للاجئين ببناء قرابة 40٪ من المنازل، فيما تولت إدارة الأشغال العامة تشييد الباقي.
في فريد أباد، نظم الاتحاد التعاوني الهندي جمعيات تعاونية ومجموعات للعون الذاتي أنشأت محلات ووحدات إنتاج صغيرة. ومن أجل إمدادها بالطاقة وإنارة المنازل، أقيم مصنع لوقود الديزل خلال فترة قصيرة. كان ذلك المصنع في ورشة بكلكتا؛ حيث أقامته ألمانيا باعتباره جزءا من تعويضات الحرب. لم يكن أحد يريد المصنع في كلكتا؛ ولذا أرسل إلى فريد أباد عوضا عنها. بحث سودير جوش عن المهندس الألماني الذي شيد المصنع في هامبورج وأقنعه بالمجيء إلى الهند. جاء المهندس ولكنه - للأسف - لم يجد روافع لإقامة المصنع؛ لذا درب رجال فريد أباد على تشغيل روافع لولبية تتحمل وزن خمسة عشر طنا، ساعدت على رفع المعدات بوصة تلو بوصة. وفي غضون عشرة شهور، كان المصنع جاهزا. في أبريل 1951، حضر نهرو شخصيا لتدشينه، وإذ «ضغط الزر، أنيرت الأضواء، وارتفعت معنويات سكان فريد أباد جميعا؛ فقد صارت البلدة تمتلك الطاقة اللازمة لبناء مستقبلها الصناعي».
6
في الوقت ذاته، استوطن آلاف اللاجئين دلهي ذاتها. حتى عام 1911 كانت تلك المدينة إسلامية الطابع والثقافة. وفي ذلك العام، حول البريطانيون عاصمتهم من كلكتا إلى دلهي، وبعد عام 1947، صارت نيودلهي مقر حكومة الهند الحرة. رحل المسلمون المتحدثون بالأردية إلى باكستان - خلافا لرغبة كثير منهم - وحل محلهم الهندوس والسيخ المتحدثون بالبنجابية، وأقاموا المنازل والمتاجر أينما تيسر لهم. توسط المدينة كونوت سركيس؛ رواق التسوق المهيب الذي صممه آر تي راسل. ولو كان راسل تسنى له رؤية ما حل بصنيعة يده لربما «تقلب في قبره»؛ فخلال عامي 1948 و1949، نصبت «الدكاكين وعربات البائعين بمختلف الأحجام والأشكال» على الرصيف، ومن ثم «ما كان يوما ممشى ظليلا يمكن للزائر أن يتمشى فيه باسترخاء متفقدا البضائع المعروضة دون التعرض لبائع ملح ما لم يدخل أحد المتاجر، صار في حالة من الفوضى ... بصفة عامة، أصبحت منطقة التسوق الأنيقة في نيودلهي - التي كانت ترتادها النخبة والأثرياء في أيام ما قبل الاستقلال - مجرد سوق شعبي يبدو أفخم من حقيقته».
7
أتى قرابة 500 ألف لاجئ للاستقرار في دلهي بعد التقسيم، فملئوا المدينة و«انتشروا حيثما تسنى لهم، وتكدسوا في المخيمات والمدارس والكليات والمعابد الهندوسية والسيخية، واستراحات الحجاج (دارامشالا)، والثكنات العسكرية، والحدائق، واحتلوا أرصفة محطات القطار والشوارع والأرصفة وكل مكان يمكن تخيله». ومع مرور الوقت، بنى أولئك الأشخاص بيوتا على أراض خصصت لهم في غرب وجنوب دلهي لاتينز؛ إذ هناك أقيمت مستعمرات - يغلب عليها البنجابيون حتى يومنا هذا - عبارة عن «نجر» أو بلدات تحمل أسماء باتيل وراجندرا (براساد) ولجبات (راي)؛ وهم زعماء حزب المؤتمر الهندوسيون الذين نالوا إعجاب السكان بصفة خاصة.
Página desconocida