Sabiduría Occidental
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
Géneros
ولم تكن التربة اليونانية صالحة للزراعة على نطاق واسع. وهكذا أصبح من الضروري، مع زيادة السكان، استيراد الغلال من بلاد أخرى، وكان المصدر الرئيسي لتزويد اليونان بالغلال هو الأراضي الواقعة على حدود سواحل يوكسين
Euxine ، حيث أقيم على مر القرون عدد كبير من المستعمرات اليونانية. وفي مقابل ذلك كانت اليونان تصدر زيت الزيتون والخزف.
ولا شك أن النزعة الفردية القوية لدى اليونانيين تتجلى في موقفهم من القانون؛ فهم في هذه الناحية معتمدون على أنفسهم كل الاعتماد، ومغايرون تماما لمعاصريهم في آسيا. ففي البلاد الآسيوية كانت سلطة الحاكم تستند إلى قوانين تعد منزلة من السماء، على حين أن اليونانيين كانوا يعترفون بأن القوانين من صنع الإنسان لأجل الإنسان. فإذا لم يعد أي قانون متفقا مع عصره، أمكن تغييره بموافقة الشعب، ولكن ما دام القانون يرتكز على دعم الشعب، فإن طاعته واجبة. ولقد كان المثل الكلاسيكي لاحترام القانون هذا هو رفض سقراط أن يهرب من حكم الإعدام الذي قضت به عليه المحكمة الأثينية.
وفي الوقت ذاته كان ذلك يعني أن لدى المدن المختلفة «قوانين مختلفة»، بحيث لم تكن هناك سلطة تستطيع تسوية المنازعات بينها بطريقة سلمية.
وهكذا كانت اليونان منقسمة على نفسها، بفعل المنافسات الداخلية والنزعة الفردية التجزيئية، إلى حد ما يسمح لها في أي وقت بتحقيق الاستقرار بوصفها أمة موحدة، فوقعت تحت سيطرة الإسكندر الأكبر، ثم روما فيما بعد، وبرغم ذلك كانت هناك مؤسسات ومثل عليا مشتركة أتاحت استمرارها بوصفها وحدة ثقافية. ولقد تحدثنا من قبل عن الملحمة القومية (بوصفها عاملا في التوحيد الثقافي)، ولكن كانت هناك روابط أخرى غيرها؛ فقد كان اليونانيون جميعا يقدسون معبد دلفي في التلال الواقعة شمال خليج كورينثة، وكانوا يحترمون نبوءة دلفي بقدر ما.
كانت دلفي مركز عبادة الإله أبولو، الذي يرمز لقوتي النور والعقل، وتروى الأسطورة القديمة أنه قتل البيثون
، وهو الحية الأسطورية التي ترمز للظلام، وتخليدا لهذا العمل بنى الناس معبدا في دلفي، وفي هذا المعبد كان أبولو يقوم بحماية منجزات الروح اليونانية، وعلى نحو مواز لذلك، فإن عبادة أبولو تتضمن اتجاها أخلاقيا مرتبطا بطقوس التطهير. وكان الإله ذاته قد اضطر إلى أن يكفر عن الدنس الذي لحقه بعد انتصاره على الحية الأسطورية، وأصبح الآن يحمل الأمل للآخرين ممن دنسوا أنفسهم بالدم، ولكن هناك استثناء لا يغتفر؛ هو قتل الأم، والواقع أن من العلامات الملفتة للنظر على نمو ثقة الأثينيين بأنفسهم أن نجد أورست
Orestes
في تراجيديا إسخليلوس، يبرأ أخيرا من هذه التهمة بفضل الإلهة أثينا، والإله إيروباجوس
Aeropagus
Página desconocida