لما كان حظ الفتاة يقضي عليها عند بلوغ طور المرأة أن تدخل دارا جديدة، وتعيش مع أسرة جديدة، تكون فيها مرغمة على طاعة حميها؛ فالواجب عليها أن تقدر نصائح والديها حق قدرها، وتعمل بما يأمرانها به من الطاعة والأخلاق الفاضلة؛ لأنها في الواقع أحوج إلى تعليم الوالدين والانتفاع بحكمتهما أكثر من الفتى، ولو أن والديها أهلا تربيتها لوقتها وغضاضتها، وصرفا همهما إلى إرضائها؛ نشأت الفتاة أسيرة هواها، لا تخشى في نيل مآربها وتقلبها لومة لائم؛ فإن كان حموها رجلا قويم الأخلاق شديد المراس عجزت عن أن تطيق حكمه، فتبغضه لما تراه فيه من الاستقامة التي تحسبها شدة وقسوة، ولا تزال معه ومع أفراد أسرته في شقاق، وينتهي الأمر بخروجها من دار زوجها ملومة محسورة، عدا ما يصيبها من العار والفضيحة؛ فيكون والداها قد نسيا أنهما أساءا تربيتها، فيعودان باللائمة على حميها وينسبون إليه كل نقيصة، ولكنهما لا ريب مخطئان؛ لأن اللوم في الواقع واقع عليهما وعلى التربية الناقصة التي أنشأا عليها ابنتهما، ومن شب على عيب شاب عليه.
إن القلب الطاهر في النساء أفضل من الوجوه السمحاء؛ لأن ذات القلب الشرير تلقى على الدوام ثائرة؛ فهي تحملق بعينيها في وجوه الناس، وتصب عليهم صاب غضبها، وإذا نطقت نطقت بفحش القول، وإذا حادثت أحدا ذمته في وجهه وعنفته لغير سبب ظاهر، سوى قلة حيائها. أما إذا تكلمت عن نفسها فلا تقول إلا المدح والثناء، فتضع نفسها فوق سائر الناس. ومن عاداتها الذميمة انتفاخ أوداجها عجبا بنفسها، وسخريتها من غيرها، وبالجملة فهي تعمل كل ما ينبغي للمرأة الفاضلة أن تتخلى عنه؛ لأن صفات المرأة هي الطاعة والعفة والشفقة وغير ذلك مما يدل على أدب النفس. (1) الحجاب
ينبغي للفتاة أن تعتاد منذ نعومة أظفارها التمييز بين أخلاق المرأة وأخلاق الرجل؛ لئلا تتصف بما لا يليق بها، فلا يسمح لها بقول أو فعل مخالف لأخلاق المرأة، كذلك يجب على الحر الدين أن يبعدها عن مواطن الفساد؛ حتى لا ترى بعينها شيئا يؤثر على طباعها. وقد كانت العادات القديمة تقضي على الرجل والمرأة بأن لا يجتمعا في غرفة واحدة، وأن لا يتركا ثيابهما في مكان واحد، وأن لا يغتسلا في مكان واحد، وأن لا تتناول المرأة شيئا من الرجل يدا بيد، وأن المرأة إذا خرجت من دارها ليلا تحمل مصباحا تستضيء به، وأن تراعي حدودا خاصة في معاملة زوجها وأقاربها وإخوتها، دع عنك ما كان يقضى عليها به في معاملة الأجانب.
أما في وقتنا هذا فقد أعرض نساء الطبقات النازلة عن تلك الآداب، وسلكن مسلكا سيئا؛ فأتلفن صيتهن، وجلبن اللوم على آبائهن وأمهاتهن وإخوتهن، وعلى وطنهن، وتعودن صرف الزمان فيما يضر ولا ينفع. إن ديننا وآدابنا القومية تقضي على المرأة بأن لا تصاحب رجلا إلا إذا أمرها بذلك أحد والديها، أو وسيط يريد تزويجها، وأن تكون ثابتة القلب، وأن تضحي بكل شيء في سبيل حفظ كرامتها، وصيانة شرفها وعرضها من الأذى، ولو كان ذلك يؤدي إلى هلاكها. (2) سبعة أسباب للطلاق
أهل الصين يسمون الزواج «العود»؛ لأنه يجب على المرأة أن تعد بيت زوجها بيتها، وأنها لدى الزواج تعود إليه، أما بيت أبيها فلم يكن إلا مقرا عرضيا تقيم فيه ريثما تلقى بعلها؛ فإذا وفقت وصارت أهلا لبعل ما، فلا يليق بها أن تعيبه مهما كان فقيرا أو وضيعا؛ لأنها أصبحت شريكته في الغرام وانشراحه، وعلى الشريك العادل أن يستر عيوب شريكه، وأن يحتمل الضيم الذي يحتمله صاحبه، فإذا كان الدهر قاسيا عليهما استعانا عليه بالاتحاد؛ لأن الضعيفين يغلبان قويا.
وكان الحكماء الأقدمون يوصون المرأة بأن لا تغادر منزلها بعد الزواج؛ فلو أنها سلكت طريقا غير قويمة، وأعرضت عن الأخلاق المستقيمة، حتى استدعى سلوكها طلاقها؛ فقد عرضت نفسها لعار أبدي لا يزول عنها ما دامت في قيد الحياة. وقد ذكروا في تلك المسألة سبعة دواع سموها أسباب الطلاق السبعة؛
1
وهي:
أولا:
تطلق المرأة إذا خالفت حماها أو حماتها.
Página desconocida