ست نجية امرأة وحيدة.
عهدي بها وحيدة دائما، في بيتها وحيدة، مقطوعة من شجرة، يرد اسمها بلا لقب، لا أب ولا أم ولا أخ ولا أخت، ولكنها معروفة بأنها امرأة غنية.
صورتها لا تنسى، قصيرة جدا، مطبوعة بطابع كساح يتجلى في تقوس ساقيها وبروز ذقنها، ولها أنف كبير مثل أذن حمار، دميمة ولكنها غير منفرة؛ لخفة روحها وسخريتها اللاذعة من نفسها ومن الناس.
تجيء معها في زيارتها لنا بالمرح والضحك، فلا نهاية لنوادرها وقفشاتها، وأتصورها دائما أسعد الناس.
بيتها مزرعة قطط وكلاب، تولد وتنشأ في عزها مكرمة مدللة، لكل اسمه وخدماته الغذائية والصحية والرياضية، هي مولعة بهن، وهن مولعات بها، وفي رحابها المترعة بالرحمة والسخاء تنمحي الخصومة الغريزية بين الكلاب والقطط؛ فهن يعشن في إخاء ومودة.
تسألها أمي: لم نرك من مدة يا ست نجية؟
فتقول: كانت نرجس متوعكة المزاج.
أو تقول: كانت بركة تلد.
ودائما تتحدث عن عفريت من الجن يؤاخيها، وتحكي عن علاقتهما الخاصة باعتزاز وتنوه بنوادره.
تقول بجدية: أمس شعرت بأنفاسه تتردد على وجهي قبيل الفجر .. أو تقول: وجدت بلاص العسل فارغا، فقلت له بالهنا والشفا!
Página desconocida