ولكن التذمر من زغرب البلاقيطي يتزايد، ويجهر كثيرون بما يضمرون، ويعتدي الفتوة على أناس فيقابلون العدوان بالمقاومة، وتسري في الحارة روح تمرد لا عهد لنا بها من قبل.
وتتتابع أحداث مؤسفة ودامية، ولكنها تقضي في النهاية على تراث خطير، وتفتح الأبواب لعصر جديد.
وتستعاد حادثة هجار الأقرع في ضوء جديد من الإدراك فيصبح رمزا للحياة الجديدة.
الحكاية رقم «58»
يجيء ربيع ونحن على شفا هاوية من الهلاك، في الحارة عصابات متخاصمة، وبين الحارات المتجاورة خصام مستعر، ويغلي الحقد الأسود، وتمج القلوب كراهية وتتكاثر حوادث الاغتيال، وينذر الغد بكارثة.
وعند الظهيرة من يوم مشرق يقع في مسرح الكون حدث غامض.
ثمة تجمعات من السحب القاتمة تنتشر في الأفق، غريبة في غير زمانها، ثم تنتشر بكثافة متصاعدة مقبضة للنفس، وتتطاول نحو كبد السماء وتنداح فتخفي إحداها الشمس وتواري الضوء المنير.
وتمضي التجمعات في التكاثر والتقارب، وتتصل وتتلاصق فتتحول إلى تكتلات شاسعة، في بطء ولكن في ثبات وإصرار، حتى تشكل في النهاية سقفا غليظا من السواد العميق.
وتشخص الأعين نحو السماء متسائلة، من الطريق والدكاكين والنوافذ والأسطح تشخص الأعين نحو السماء.
وتدب في السقف الأسود حركة متوترة، فيبدو متموجا متصارعا متلاطما كأنه محيط من الظلمات مشتبكا في نضال ضار.
Página desconocida