La historia y lo que contiene: narrativa (principios, secretos y ejercicios)

Muhammad Cabd Nabi d. 1450 AH
87

La historia y lo que contiene: narrativa (principios, secretos y ejercicios)

الحكاية وما فيها: السرد (مبادئ وأسرار وتمارين)

Géneros

في كتاب سيرته الذاتية؛ حكاية الشتاء، يخاطب الروائي الأمريكي المتميز بول أوستر نفسه عن علاقة المشي بالكتابة قائلا:

لكي تؤدي عملك عليك أن تمشي؛ المشي هو ما يوجد لك الكلمات، وهو ما يتيح لك سماع إيقاعات الكلمات بينما تكتبها في ذهنك [...] تجلس إلى مكتبك كي تدون الكلمات، ولكن في ذهنك أنت لا تزال تمشي، دائما تمشي، وما تسمعه هو إيقاع قلبك، خفقان قلبك. يقول ماندلستام: «أتساءل عن عدد الصنادل التي انتعلها دانتي وبليت بينما كان يكتب الكوميديا الإلهية.» الكتابة شكل من أشكال الرقص ...

وسواء فضلت تشبيه الكتابة بالرقص أم بالسير، فالاثنان حركة، حركة إيقاعية منتظمة بالخطوات والإحساس الداخلي بالمسافة والهدف، أو حركة جمالية غير هادفة إلا لإنعاش الجسد والحواس منسجمة مع موسيقى خارجية مسموعة؛ المهم في ذلك أن تقطع الطريق حتى نهايته، ألا تتوقف في منتصف رحلتك لأي سبب، ألا تفكر في الاستسلام قبل الوصول لهدفك؛ ولهذا فإن مواصلة السير واستمرار الحركة هما الإجابة الأهم على كثير من أسئلة الكتابة، وخصوصا سؤال انسداد الكتابة واختفاء الكلمات والأفكار، الذي بدأنا حديثنا عنه في الفصل السابق. نتابع هنا اقتراح المزيد من المهارات التي تساعد الكتاب على اجتياز عقباتهم الخانقة، طالت أم قصرت.

عشر أدوات لكسر الجمود (1)

تمرن:

لا تقتصر فوائد تمارين الكتابة فقط على مساعدة المبتدئين في صقل مهاراتهم وامتلاك التقنية، بل يمكنها أيضا أن تكون أداة ناجعة في التغلب على انحباس صوت الكاتب المحترف. يمكننا الاستعانة بعمل تمارين كتابة في أوقات الانسداد، قد نستعين بتمارين قديمة ومجربة من قبل، وقد نبتكر تماريننا الخاصة التي تخاطب مكمن الداء الذي يهددنا. ينصح البعض هنا بأداء تمارين كتابة بعيدة نسبيا عن شكل المشروع الذي نعمل عليه، ثم الاقتراب منه تدريجيا بنفس آلية التمارين، ومثال على ذلك كتابة مونولوج من عشرة سطور على لسان شخصية في رواية تحبها، أو حوار بين اثنين تعرفهما، ثم تكرر تلك التمارين في المادة التي تعمل عليها. لا يشترط بالطبع الاستعانة بنتاج تلك التمارين في نصك؛ لأن الهدف هنا هو كسر حاجز الصمت، إلا إذا أسفرت التمارين عن نتائج مغرية، وهو ما يحدث كثيرا. (2)

حدد هدفا:

لا يطيق بعض الكتاب التفكير في أنفسهم باعتبارهم موظفين لدى الكتابة، وربما يكونون محقين في ذلك، غير أن خبرات كثير من كبار الكتاب تؤكد أن وجود الكاتب أمام عمله في موعد ثابت ومكان محدد بصفة يومية، من الأشياء التي تكفل له الاستمرار والتقدم في مشروعه بوتيرة منتظمة، وتبعد شبح الانسداد إلى أقصى حد ممكن. انس الآن صورة القيود الوظيفية ومفاهيم الروتين الكئيب، وفكر في موعد غرامي منتظم، تحدده بنفسك مع كتابتك، وجرب أن تضع جدولا زمنيا لعملك وأن تلتزم به، حتى على الرغم من انسداد الكتابة أو بالأحرى من أجل ذلك تحديدا. بعض الكتاب يحددون وقتا يوميا ثابتا، أو مستهدفا بعدد الكلمات أو الصفحات، ولو كانت صفحة واحدة يومية. إن تعاملك مع الكتابة بوصفها نشاطا يوميا، وليس حالة إبداعية غيبية قد تجيء أو لا تجيء؛ من شأنه أن يدرب ذهنك على الاستعداد الدائم، وحل المشكلات، وتجاوز العقبات. ضع موعدا نهائيا لإنجاز مشروعك؛ موعدا معقولا لا يعجزك تحقيقه، واطلب من شخص مقرب لك أن يتابع وتيرة تقدمك في عملك من حين لآخر، يفضل لو كان كاتبا لا يعاني انسدادا في الكتابة هو الآخر. (3)

استأنف البحث:

لعلك تسرعت في الدخول إلى مرحلة الكتابة دون أن تعطي وقتا كافيا لمرحلة البحث والقراءة والاستعداد، خاصة إذا كان مشروعك بحاجة حقيقية إلى تلك العمليات التحضيرية؛ عندئذ يتوجب عليك أن ترجع بضع خطوات إلى الوراء، وتستعيد رحلة البحث حول موضوع روايتك، أو زمانها، أو أماكنها، أو أن تطرح الأسئلة المناسبة على الأشخاص المناسبين، أو أن تعيد رسم خطة العمل ككل وتفكر في بدائل أخرى للحبكة ومسار الأحداث. لا تعد إلى الكتابة إلا وقد عرفت ماذا تريد أن تفعل، ولا تتسرع هذه المرة أيضا. (4)

Página desconocida