Historia sin principio ni final
حكاية بلا بداية ولا نهاية
Géneros
رجع الكهل إلى حيرته وصمته فقالت بوضوح: هذه هي مشكلتي الحقيقية!
ولما وجدته مصرا على الصمت عادت تقول: يسعدني أني وجدت أخيرا الشجاعة لمصارحتك بها!
فجعل يغمغم بكلمات مبهمة؛ فقالت باسمة: وطبيعي أن أنتظر منك شيئا غير الصمت!
فجمع عزمه وقال: إني بطبعي وتاريخي أرفض التسليم بوجود طرق مسدودة! - ولكن طريقي مسدودة! - ما تزال. - أرجو أن تعتبرها كذلك إكراما لي، أنا لم ألجأ إليك إلا مطاردة بسياط الجزع، وبعد كفر بالأحلام والخوارق!
فقال بوضوح: لا رأي عندي دون مراعاة كاملة للكرامة! - الكرامة؟ - أعني السلوك الخليق بفتاة محترمة.
فقالت بتحد: لقد جئتك وأنا على علم غزير بالنصائح التقليدية! - طيب، هل تتوقعين لدي رأيا آخر؟ - نعم! - أن أسوغ لك السقوط؟ - نعم!
فتساءل الكهل بذهول: ألم تجيئيني مدفوعة بما ذكرت عن تاريخي وحسن سمعتي؟ - بلى! - وتصورت بعد ذلك أن أبارك سقوطك؟ - نعم!
فضحك الكهل على رغمه وقال: الحق أني لا أفهمك. - ولكنني واضحة كضوء الشمس! - الرقص والغناء والمرح؟ - نعم! - خبريني عما تتوقعين مني؟ - أن تصرح لي بأن النهل من متعة الحياة ليس سقوطا! - ولكنه ينقلب كذلك أردنا أم لم نرد! - وإذن فما علي إلا أن أصبر حتى أذوي وأذبل وأموت! - بل حتى تفرج. - كلام لن يكلفك شيئا ولكنه سيكلفني حياتي.
فقال متحايلا للهروب من حدة الموقف: حدثيني عن رأي صديقتك الأخرى، أعني التي لم تعتقل؟ - كان الحديث لمناسبة تقدم شاب لخطبتي، فطالبتني بأن أقبله دون تردد، وأما عن إخوتي فقد قالت: إنه ليس من حق أحد أن يضحي بحياة آخر في هذه الدنيا قصيرة لأجل!
فهز الكهل رأسه في حيرة صامتا فقالت: ولكني أرفض التضحية بإخوتي! - يا لك من فتاة نبيلة! - ولكن من حقي أن أحب الحياة، وأن أستمتع بهذا الحب. - إذا فقدنا الكرامة فإنه لا يطيب لنا شيء. - من الذي خلق الكرامة؟ - خلقتها السماء كما خلقتها الأرض. - ألم تسمع عما يقال عن الفتاة الأوروبية؟ - إنها تنتمي إلى حياة أخرى في أوروبا، ولست أملك المعرفة الكافية للحكم عليها. - ولكنها أثبتت لنا أنه من الممكن الاستهانة بالتقاليد الموروثة دون التضحية بقيم إنسانية باهرة! - قلت إني لا أملك الحكم عليها. - هل تهرب من مواجهة الحقيقة؟ - بل أتكلم بما أعلم. - أخشى أن تعدني مسئولية ثقيلة اعترضت طريقك الهادئ؟ - بل أود مساعدتك بكل قلبي.
Página desconocida