Historia sin principio ni final
حكاية بلا بداية ولا نهاية
Géneros
وحدجه بنظرة نافذة ثم واصل حديثه: ومنهم من لم يستقر على رأي فتردى في هاوية العذاب. - يا له من مصير غير محتمل! - أجل. - ولكن بوسعك أنت وحدك أن تحسم الأمر. - لا شأن لي بذلك. - بل هو واجبك نحو أهل حارتك. - يا صديقي إن مهمتي تتعلق بأمن الحارة وسلامتها ولا شأن لي بحياة الأفراد. - ولكن الحارة ليست إلا أهلها. - الحارة شيء وأهلها شيء آخر. - لا أفهم ذلك. - ولكني أفهمه بكل وضوح وبساطة، وتحت شعاره أعمل.
ثم قال بصوت مرتفع الدرجة: الحارة كل لا يتجزأ وليس من العسير أن أعرف ما ينفعها وما يضرها، أما أهلها فأفراد لا حصر لهم، وتتعدد مشكلاتهم بتعدد أهوائهم. - معذرة، يتعذر علي أن أسلم بذلك. - دعني أضرب لك مثلا، ثمة زوج يكره زوجته، وآخر يحبها حتى العبادة، وثالث لا هو يحبها ولا هو يكرهها، فهل تتصور لهم موقفا واحدا من حادثة القبض على الإمام والمدرس؟! - ولكن كلا منهم يود أن يتخذ موقفا على ضوء الحقيقة. - لعلك تفترض فيهم شجاعة قل أن تتوافر، وفي النهاية تتحكم الأهواء وحدها.
ثم التفت نحوه باسما متسائلا: أتحب زوجتك؟
فلاذ عبد الله بالصمت فقال شيخ الحارة: لطيف أن تحب زوجتك هذا الحب كله! - أعترف بأنه لعنة تطاردني. - فماذا تهمك الحقيقة؟ - هي كل شيء. - خيل إلي أنها لا شيء في مثل حالاتك. - أي قيمة لحب يقوم على كذبة؟!
وتنهد عبد الله ثم استطرد: إني أتساءل دون توقف، هل أطلق؟ هل أغمض عيني؟ هل أسلم للعبث والمجون؟ هل أنتحر؟ - يا له من عذاب! - أنت المسئول عنه.
فابتسم شيخ الحارة ساخرا وقال: أنت وحدك المسئول! - ما أسباب القبض عليهما؟ .. باسم الرحمة والصداقة أجبني.
فقال شيخ الحارة بهدوء: كثيرون يتصورون مسئوليتي في ذلك على غير حقيقتها. - ولكنك قبضت عليهما. - لم أقبض في حياتي على أحد. - الكل يجمع.
فقاطعه بهدوء: دعنا مما يجمعون عليه، إن مهمتي تنحصر في جمع المعلومات. - إذن حدثني عن معلوماتك. - المعلومات - كالوسائل التي أحصل بها عليها - سر من أسرار عملي. - أليس من المحتمل أن تكون خادعة؟ - إني أعرف عملي جيدا.
ثم بشيء من الكبرياء: ولا أثر فيه للهوى أو للأغراض الشخصية.
فقال بنبرة اعتذار: لم أقصد شيئا يسيء إليك ولكن حدثني عن انطباعك فهل تؤمن بأنهما مذنبان؟ - الحكم بذلك يخرج عن حدود عملي. - كيف ذلك؟ - إني أقدم معلومات، أما الحكم عليها فمن اختصاص غيري! - ولكن لا شك أن لك انطباعك عن المعلومات التي تتجمع لديك؟
Página desconocida