جوسين
حدة العظماء وواجب الأبناء
لا أستطيع أن أعالج نفسي من داء الحدة التي يشتد خطرها كلما تحققت عدل الأسباب التي تهيجها، وإنني لا أهتم بما أخسره من المنافع المادية والأدبية مهما كان مقدارها إذا كان نيل تلك المنافع موقوفا على جرح عواطفي أو مس شرفي، ولست أحتمل أن أسمع بأذني إهانة والدي وهو رجل شريف، ولا أستطيع الصبر حتى أشكو أمري إلى رؤسائي؛ لأنني أعتقد بأنه ينبغي للولد البار أن ينتقم لأبيه. (لما كان نابوليون طالبا بمدرسة برين الحربية كان بعض أقرانه يحملون عليه ويعيرونه، وحدث أن أحدهم سب أباه على مسمع منه، فطلبه إلى النزال ونال منه، وعوقب بعد ذلك بالحبس، فكتب هذا الكتاب إلى رئيس المدرسة فأمر بتسريحه لساعته.)
تاريخ بارنج جولد، ص18
ذكرى الصبا
ما ألذ تذكارات الصبا التي تعاودني كلما خلا ذهني من التفكير في شئون السياسة، أو كلما استرحت من شتائم السجان (السير هدسون لو)، وكثيرا ما أستعيد آرائي الأولى في الحياة. وقد يخطر ببالي وأنا أتأمل في ساعات السكينة والهدوء أنه لو قدر لي أن أكون ذا دخل قدره 500 جنيه في العام وحولي زوجتي وأولادي وبقية أسرتي بداري في أجاكسيو أكون أسعد الناس حالا، وأنت يامونتولون (صديقه في أسره) تذكر هذه الدار وجمال موقعها، وكثيرا ما كنت تقطف عناقيد العنب من كرومها أنت وعشيقتك بولين، لله ما أسعد تلك الأيام الماضية! ولله ما أجمل ذكرى الصبا! إن مخيلتي تعرض علي كل ما يتعلق بأول منزل رأيته ومرحت فيه، وإني أكاد أشم رائحة زهور الحديقة زهرة زهرة، بعد مضي كل تلك السنين الطويلة، وأوشك أن أضع قدمي في أول موضع وطئته في طفولتي.
وإني كذلك أذكر يوما خرجت فيه ومعي خمسمائة من إخواني، وكلنا من أشراف جزيرة كورسيكا ونبلائها، وسرنا في ركاب باولي، وكنت أسر كلما أدناني منه ودلني على مهامه الجزيرة ومفاوزها وسهولها وجبالها ووديانها. وذكر لي ما حدث فيها من الوقائع الحربية التي جاهد فيها أبناء وطننا جهاد الأبطال في سبيل تحرير بلادنا واستقلالها، ولا تزال الآلام والآمال التي تحركت في نفسي في ذلك اليوم تعود إلي كأنها بنت أمس الغابر.
ص57، «حياة نابوليون بونابرت» تأليف يوسف آبوت
اشتغاله بتاريخ وطنه
وكتب إلى صديقه رينال:
Página desconocida