[طرد النبي للمتشبهين بالنساء]
فلم يكن صلى الله عليه يساكن ، ولا يجاور ولا يقارن (1)، إلا من آمن بالله ، وكان وليا لله ، ولقد نفى صلى الله عليه غير واحد من أهل ملته ، ممن جاوره بفسوق في محل هجرته ، فمن ذلك مخنث (2) كان في المدينة كان فيه لين وتكسير ، فنفاه من المدينة إلى جبل من جبالها يقال له عير ، (3) فابتنى في ذروة الجبل كنا ، وكان الجبل وعرا خشنا ، فلم يزل ذلك الكن له مسكنا حتى مات رحمه الله (4). وتوفي صلى الله عليه وآله ، فلما حضر موته ، وقد كانت حسنت توبته ، حتى دعي في أيام عثمان ، ولا أحسبه إلا وقد دعي قبل ذلك فيما كان لأبي بكر وعمر من الأيام ، إلى المدينة والتحول إليها وترك
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله حين سمع كلامه : لقد غلغلت النظر ، ما كنت أحسبك إلا من غير أولي الإربة ، وكان رسول الله (ص) يضحك من كلامه ويظن ذلك نقصا من عقله ، فلما سمع منه ما سمع ، قال لنسائه : لا يدخل هيت عليكن. وأمر أن يسير إلى خارج. فبقي هنالك حتى قبض رسول الله (ص)، فلما ولي أبو بكر كلم فيه فأبى أن يرده ، فلما ولي عمر كلم فيه فأبى أن يرده ، فقيل له : إنه قد كبر وضعف واحتاج ، فأذن أن يدخل كل جمعة. قيل : ويرجع إلى مكانه.
أخرجه البخاري فتح الباري 9 / 274 ، وأبو داود 2 / 700 رقم (4949).
Página 258