Conservación de la Vida
حفظ العمر
Investigador
محمد بن ناصر العجمي
Editorial
دار البشائر الإسلامية
Número de edición
الأولى ١٤٢٥ هـ
Año de publicación
٢٠٠٤ م
الكتب والأجزاء المقروءة في جوامع ودور الحديث بدمشق: دار الحديث الأشرفية البرانية
حفظ العمر
تأليف
زينة الواعظين ودرة الناصحين
الإمام عبد الرحمن بن الجوزي
(٥٠٨-٥٩٧ هـ)
تحقيق وتعليق
محمد بن ناصر العجمي
دار البشائر الإسلامية
الطبعة الأولى
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
Página desconocida
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ، الْحَافِظُ جَمَالُ الدِّينِ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوْزِيُّ ﵀:
الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي جَعَلَ عُمُرَ الآدَمِيِّ سَفَرًا إِلَى الأُخْرَى طَوِيلا وَقَصِيرًا، فَسَارَ النَّاسُ بِبَضَائِعِ الأَعْمَالِ، فَرَبِحَ الْمُتَيَقِّظُونَ رِبْحًا كَثِيرًا، وَهَلَكَ الْمُفَرِّطُونَ، فَكُلٌّ مِنْهُمْ عَادَ مِسْكِينًا فَقِيرًا، عَرَضَتْ لَهُمُ الشَّهَوَاتُ فِي بَرِّ الْبِرِّ فَصَارَ الْجَاهِلُ لَهَا أَسِيرًا، فَجَدَلَهُ سَبُعُ الْهَوَى فَجَنْدَلَهُ، فَلَقِيَ هَوْنًا وَتَغْيِيرًا، وَكَمْ حَثَّهُ الشَّرْعُ عَلَى الْجَدِّ، كَمَا يَحُثُّ الْمُسْتَأْجِرُ أَجِيرًا، ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يذكر أو أراد شكورًا﴾ .
أَحْمَدُهُ حَمْدَ مَنْ جَعَلَ حَمْدُهُ مِصْبَاحًا وَشَهِيرًا، وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ الْمَبْعُوثِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ، وَرَزَقَنَا حُسْنَ اتِّبَاعِهِ ﴿وَكَانَ ربك قديرًا﴾ .
1 / 29
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي رَأَيْتُ الْعُمْرَ بِضَاعَةً لِلآدَمِيِّ، فَعَجِبْتُ مِنْ تَفْرِيطِ النَّاسِ فِيهِ، كَأَنَّهُمْ مَا عَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا مَيْدَانُ شِقَاقٍ، وَأَنَّ غَايَةَ الْعُمْرِ الْغَايَةُ، إِلا أَنَّ التَّفَاضُلَ فِي السِّبَاقِ عَلَى مِقْدَارِ الْهَمِّ، وَتَفَاوُتَ الْهِمَمِ عَلَى قَدْرِ الإِيمَانِ بِالآخِرَةِ، فَمَنْ صَدَقَ يَقِينُهُ جَدَّ، وَمَنْ تَيَقَّنَ طُولَ الطَّرِيقِ اسْتَعَدَّ، وَمَنْ قَلَّتْ مَعْرِفَتُهُ تَثَبَّطَ، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الْمَقْصُودَ تَخَبَّطَ.
وَقَدْ رَتَّبْتُ هَذَا الْكِتَابَ عَلَى ثَلاثَةِ أَبْوَابٍ:
الْبَابُ الأَوَّلُ: فِي بَيَانِ شَرَفِ الْعُمْرِ وَالْحَثِّ عَلَى اغْتِنَامِهِ فِي الْخَيْرِ.
الْبَابُ الثَّانِي: فِي ذِكْرِ مَنْ كَانَ يُبَادِرُ الْعُمْرَ وَيُبَالِغُ فِي حِفْظِ لَحَظَاتِهِ.
الْبَابُ الثَّالِثُ: فِي ذِكْرِ سَبَبِ تَضْيِيعِ العمر.
1 / 30
الْبَابُ الأَوَّلُ فِي بَيَانِ شَرَفِ الْعُمْرِ وَالْحَثِّ عَلَى اغْتِنَامِهِ فِي الْخَيْرِ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ، أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يُخْبِرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:» إِنَّ الصِّحَّةَ وَالْفَرَاغَ، نِعْمَتَانِ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ ﷿، مَغْبُونٌ فِيهِمَا كثيرٌ مِنَ النَّاسِ» .
1 / 31
قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ –يَعْنِي: ابْنَ الْمُبَارَكِ-، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ ﷿ الأَمَانِيَّ» .
أَخْبَرَنَا الْكَرُوخِيُّ، أنا أَبُو عَامِرٍ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْغُورَجِيُّ قَالا: أنا ابْنُ الْجَرَّاحِ، ثنا ابْنُ مَحْبُوبٍ، ثنا التِّرْمِذِيُّ، ثنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مُحْرِزِ بْنِ عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: «بادروا بالأعمال سبعًا: هل تنتظرون إِلا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوِ الدَّجَّالَ فَشَرُّ غائبٍ يُنْتَظَرُ، أَوِ السَّاعَةَ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ» .
1 / 32
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْجَرِيرِيُّ، أنا أبو طالب العشاري، [حدثنا أبو الحسين ابن سَمْعُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَنْبَسُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ:] ابْنُ سَمْعُونٍ –وَهُوَ جَدُّ أَبِي-، قَالَ: حَدَّثَنَا [أَصْرَمُ] يَعْنِي ابْنَ حَوْشَبٍ، ثنا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْيَوْمُ الرِّهَانُ، وَغَدًا السِّبَاقُ، وَالْغَايَةُ الْجَنَّةُ، وَالْهَالِكُ مَنْ دَخَلَ النَّارَ» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، أنا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عمر البرمكي بن بُخَيْتٍ، أنا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ ذُرَيْحٍ، ثنا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ:
خَطَبَنَا أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَسَابِقُوا فِي مُهَلِّ آجَالِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ آجَالُكُمْ، فَيَرُدَّكُمْ إِلَى أَسْوَإِ أَعْمَالِكُمْ، فَإِنَّ
1 / 33
أَقْوَامًا جَعَلُوا آجَالَهُمْ لِغَيْرِهِمْ، وَنَسُوا أَنْفُسَهُمْ، فَأَنْهَاكُمْ أَنْ تَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ، الْوَحَا الْوَحَا، النَّجَا النَّجَا، إِنَّ وَرَاءَكُمْ طَالِبًا حَثِيثًا، مَرُّهُ سَرِيعٌ.
أَخْبَرَنَا عبد الله بن علي المقري، أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلافُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ، ثنا بَكْرُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ أَنَّهُ قَالَ:
قَالَ عُمَرُ: حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ ﴿يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافية﴾ .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، أنا جَعْفَرُ بْنُ أحمد، أنا أبو علي ابن الْمُذْهِبِ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا وَكِيعٌ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ:
1 / 34
قَالَ عُمَرُ: التُّؤَدَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ خيرٌ، إِلا مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الآخِرَةِ.
قَالَ وَكِيعٌ: وَحَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنِّي لأُبْغِضُ الرَّجُلَ فَارِغًا لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا، وَلا مِنْ عَمَلِ الآخِرَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ: وَثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثنا سَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حُجَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ:
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّكُمْ فِي مَمَرِّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، في آجال منقوصةٍ، وأعمالٍمحفوظةٍ، وَالْمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً، فَمَنْ زَرَعَ خَيْرًا يُوشِكُ أَنْ يَحْصُدَ رَغْبَةً، وَمَنْ زَرَعَ شَرًّا يُوشِكُ أَنْ يَحْصُدَ نَدَامَةً، وَلِكُلِّ زَارِعٍ مَا زَرَعَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَزَوَّجَ التَّوَانِي بِالْكَسَلِ، فَوُلِدَ بينهما الفقر.
1 / 35
وَبِالإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ قَالَ: ثنا سَيَّارٌ، ثنا جَعْفَرٌ، ثنا الْمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَالَ:
لَيْسَ يومٌ يَأْتِي مِنْ أَيَّامِ الدنيا إلا يتكلم ويقول: يا أيها النَّاسُ إِنِّي يومٌ جديدٌ، وَأَنَا عَلَى مَا يُعْمَلُ فِيَّ شَهِيدٌ، وَإِنِّي لَوْ قَدْ أَفَلَتْ شَمْسِي لَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: أَحَدَهُمْ لَوْ سَقَطَ مِنْهُ دِرْهَمٌ لَظَلَّ يَوْمَهُ يَقُولُ: إِنَّا للَّهِ!! ذَهَبَ دِرْهَمِي، وَهُوَ يُذْهِبُ يَوْمَهُ؛ وَلا يَقُولُ: ذَهَبَ يَوْمِي مَا عَمِلْتُ فِيهِ.
وَكَانَ عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَا أَنْزَلَ الْمَوْتُ كُنْهَ مَنْزِلَتِهِ مَنْ عدَّ غَدًا مِنْ أَجَلِهِ، وَكَمْ مستقبلٍ يَوْمًا لا يَسْتَكْمِلُهُ، وَكَمْ مُؤَمِّلٍ لِغَدٍ لا يُدْرِكُهُ، لَوْ رَأَيْتُمُ الأَجَلَ وَمَسِيرَهُ، لأَبْغَضْتُمُ الأَمَلَ وَغُرُورَهُ.
وَقَالَتْ رَابِعَةُ لِسُفْيَانَ: إِنَّمَا أَنْتَ أيامٌ مَعْدُودَةٌ، فَإِذَا ذَهَبَ يَوْمُكَ ذَهَبَ بَعْضُكَ، وَيُوشِكُ إِذَا ذَهَبَ الْبَعْضُ أَنْ يَذْهَبَ الْكُلُّ، وَأَنْتَ مَتَى تَعْلَمُ فَاعْمَلْ.
1 / 36
الْبَابُ الثَّانِي فِي ذِكْرِ مَنْ كَانَ يُبَادِرُ الْعُمْرَ وَيُبَالِغُ فِي حِفْظِ لَحَظَاتِهِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، أنا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ، أنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زيدٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ:
أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لَهُ مِهْرَاسٌ فِيهِ مَاءٌ، فَيُصَلِّي مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ يَصِيرُ إِلَى الْفِرَاشِ فَيُغْفِي إِغَفْاءَ الطَّيْرِ ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَوَضَّأُ، ثُمَّ يُصَلِّي، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَيُغْفِي إِغْفَاءَ الطَّيْرِ، ثُمَّ يَثِبُ فَيَتَوَضَّأُ، ثُمَّ يُصَلِّي، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي اللَّيْلِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَوْ خَمْسَ مَرَّاتٍ.
قَالَ أَحْمَدُ: وَثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنِي عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ:
1 / 37
أَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ أَتَوْا أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ فِي مَنْزِلِهِ -وَكَانَ غَازِيًا بِأَرْضِ الرُّومِ-، فَوَجَدُوهُ قَدِ احْتَفَرَ فِي فُسْطَاطِهِ حُفْرَةً، وَوَضَعَ فِي الْحُفْرَةِ نِطْعًا، وَأَفْرَغَ فِيهِ الْمَاءَ، فَهُوَ يَظُلُّ فِيهِ وَهُوَ صَائِمٌ، فَقَالَ لَهُ النَّفَرُ: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى الصِّيَامِ وَأَنْتَ مُسَافِرٌ وَقَدْ رَخَّصَ اللَّهُ تَعَالَى لَكَ فِي الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ وَالْغَزْوِ؟
فَقَالَ: لَوْ حَضَرَ قِتَالٌ لأَفْطَرْتُ وَتَقَوَّيْتُ لِلْقِتَالِ؛ إِنَّ الْخَيْلَ لا تَجْرِي الْغَايَاتِ وَهِيَ بدنٌ، إِنَّمَا تَجْرِي وَهِيَ ضمرٌ، إِنَّ بَيْنَ أَيْدِينَا أَيَّامًا لَهَا نَعْمَلُ.
قَالَ أَحْمَدُ: وَثنا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ:
أَنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ فِي مَنْزِلِهِ، فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِهِ: هُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَتَيَا الْمَسْجِدَ فَوَجَدَاهُ يَرْكَعُ، فَانْتَظَرَا انْصِرَافَهُ، وَأَحْصَيَا رُكُوعَهُ، فأحصى أحدهما أنه ركع ثلاثمائة، والآخر أربعمائة.
قَالَ أَحْمَدُ: وَثنا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ:
1 / 38
كَانَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ تَنَحَّى فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: مَنْ أُقرئه؟ فَيَأْتِيهِ قَوْمٌ، فَيُقْرِئُهُمْ، حَتَّى إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَأَمْكَنَتِ الصَّلاةُ قَامَ يُصَلِّي إِلَى أَنْ يَنْتَصِفَ النَّهَارُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَيَقِيلُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الْمَسْجِدِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، فَيُصَلِّي حَتَّى يُصَلِّيَ الْعَصْرَ، فَإِذَا صَلَّى الْعَصْرَ تَنَحَّى إِلَى نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَالَ: مَنْ أُقرئه؟ فَيَأْتِيهِ قَوْمٌ فَيُقْرِئُهُمْ، حَتَّى إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ صَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ يُصَلِّي حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَيَتَنَاوَلُ أَحَدَ رَغِيفَيْهِ فَيَأْكُلُهُ، ثُمَّ يَهْجَعُ هَجْعَةً خَفِيفَةً، ثُمَّ يَقُومُ، فَإِذَا أَسْحَرَ تَنَاوَلَ رَغِيفَهُ الآخَرَ، فَيَأْكُلُهُ، ثُمَّ يَشْرَبُ عَلَيْهِ شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْمَسْجِدِ.
قَالَ خَلَفٌ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ: كَانَ مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ يَفْعَلُ هَذَا كُلَّهُ، وَيَفْضُلُهُ بخصلةٍ: لا يَبِيتُ كُلَّ لَيْلَةٍ حَتَّى يَبُلَّ عِمَامَتَهُ –يَعْنِي بِدُمُوعِهِ- ثُمَّ يَضَعَهَا.
قَالَ أَحْمَدُ: وَثنا سَيَّارٌ، ثنا جَعْفَرٌ قَالَ: سَمِعْتُ ثَابِتًا يَقُولُ: مَا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ سَارِيَةٌ، إِلا وَقَدْ خَتَمْتُ الْقُرْآنَ عِنْدَهَا، وَبَكَيْتُ عِنْدَهَا.
قَالَ أَحْمَدُ: وَثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِلالِ بْنِ حُقٍّ قَالَ: كَانَ
1 / 39
حُجَيْرُ بْنُ الرَّبِيعِ يُصَلِّي حَتَّى مَا يَأْتِي فِرَاشَهُ إِلا زَحْفًا، وَمَا يَعُدُّونَهُ مِنْ أَعْبَدِهِمْ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيُّ قَالَ: ذَهَبْتُ أُلَقِّنُ أَبِي وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. فَقَالَ: يَا بُنَيِّ، خَلِّ عَنِّي فَإِنِّي فِي وِرْدِي السَّادِسِ أَوِ السَّابِعِ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَحَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى الأَنْصَارِيُّ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: قُلْتُ لِعُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ: أرى لسانك لا يفتر من ذِكْرِ اللَّهِ ﷿ فَكَمْ تُسَبِّحُ كُلَّ يَوْمٍ؟ قَالَ: مِائَةَ أَلْفٍ إِلا أَنْ تُخْطِئَ الأَصَابِعُ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى كرزٍ بَيْتِهِ، فَإِذَا عِنْدَهُ مُصَلاةٌ قَدْ مَلأَهَا تِبْنًا وَبَسَطَ عَلَيْهَا كِسَاءً مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، وَكَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَلَهُ عُودٌ فِي الْمِحْرَابِ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ إِذَا نَعَسَ.
1 / 40
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ: رَأَيْتُ ابْنَ طَارِقٍ فِي الطَّوَافِ قَدِ انْفَرَجَ لَهُ أَهْلُ الطَّوَافِ، وَعَلَيْهِ نَعْلانِ مُطْرَقَتَانِ، فَحَزَرُوا طَوَافَهُ
1 / 41
فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، فَإِذَا هُوَ يَطُوفُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَشَرَةَ فَرَاسِخَ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَحَدَّثَنِي أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، ثنا أَبِي قَالَ:
كَانَتْ مُعَاذَةُ الْعَدَوِيَّةُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ قَالَتْ: هَذَا يَوْمِي الَّذِي أَمُوتُ فِيهِ، فَمَا تَنَامُ حَتَّى تُمْسِيَ، فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ قَالَتْ: هَذِهِ لَيْلَتِي الَّتِي أَمُوتُ فِيهَا، فَلا تَنَامُ حَتَّى تُصْبِحَ. وَإِذَا جَاءَ الْبَرْدُ لَبِسَتِ الثِّيَابَ الرِّقَاقَ حَتَّى يَمْنَعَهَا الْبَرْدُ مِنَ النَّوْمِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا رِزْقُ اللَّهِ، أنا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ، أنا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ بُرَيْهٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ خَرَجَ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ هُوَ وَأَصْحَابٌ لَهُ، فَوَضَعُوا سُفْرَةً لَهُمْ، فَمَرَّ بِهِمْ راعٍ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: هَلُمَّ! قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ: أَفِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الصَّائِفِ الْحَارِّ وَأَنْتَ فِي هَذَا الشِّعْبِ؟! قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ أُبَادِرُ الأَيَّامَ الْخَالِيَةَ.
1 / 42
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ رَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ أَنَّهُ نَزَلَ مَنْزِلا فَقَرَّبَ غَدَاءَهُ، فَإِذَا راعٍ، فَقَالَ لَهُ: هَلُمَّ، قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: فِي هَذَا الْيَوْمِ الْحَارِّ؟ قَالَ: أَفَأَدَعُ أَيَّامِي تَذْهَبُ بَاطِلا؟ فَقَالَ:
لَقَدْ ضَنَنْتَ بِأَيَّامِكَ يَا رَاعِي ... إِذْ جَادَ بِهَا رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعِ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالا: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّرِيفِينِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدَانَ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ، ثنا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، عَنْ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ قَالَ:
صَامَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَامَ لَيْلَهَا وَصَامَ نَهَارَهَا، وَكَانَ فِي اللَّيْلِ يَبْكِي، فَتَقُولُ لَهُ أُمُّهُ: قَتَلْتَ قَتِيلا؟ فَيَقُولُ أَنَا أَعْلَمُ بِمَا صَنَعْتُ بِنَفْسِي، وَإِذَا أَصْبَحَ كَحَّلَ عَيْنَيْهِ وَدَهَنَ رَأْسَهُ، وَبَرَّق شَفَتَيْهِ وَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ.
1 / 43
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَيْرٍ، أنا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَامِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّوَانِيُّ، حَدَّثَنِي شُكْرٌ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا بِشْرٍ يَقُولُ: كَانَتْ جَارَةٌ لِمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ وَكَانَ لَهَا ابْنَتَانِ لا تَصْعَدَانِ إِلَى السَّطْحِ إِلا بَعْدَ أَنْ يَنَامَ النَّاسُ، فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا ذَاتَ لَيْلَةٍ: يَا أُمَّاهُ مَا فَعَلَتِ القائمة التي كانت أُراها فِي سَطْحِ فُلانٍ؟ فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ قَائِمَةً، إِنَّمَا كَانَ مَنْصُورُ يُحْيِي اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي رَكْعَةٍ لا يَرْكَعُ وَلا يَسْجُدُ.
أَخْبَرَنَا المُحَمَّدانِ ابْنُ نَاصِرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالا: أنا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ، أنا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الطَّبَرِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ: سَمِعْتُ الْحِمَّانِيَّ يَقُولُ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ الْوَفَاةُ بَكَتْ أُخْتُهُ فَقَالَ: لا تَبْكِي –وَأَشَارَ إِلَى زَاوِيَةٍ فِي الْبَيْتِ-، فَقَدْ خَتَمَ أَخُوكِ فِي تِلْكَ الزَّاوِيَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ خَتْمةٍ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: مَا فَاتَتْنِي الصَّلاةُ في الجماعة
1 / 44
مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
وَحَجَّ مَسْرُوقٌ فَمَا نَامَ إِلا سَاجِدًا.
وَقَالَ رَجُلٌ لِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ: قِفْ أُكَلِّمُكَ، فقَالَ: فَأَمْسَكَ الشَّمْسَ.
وَأَطَالَ قَوْمٌ الْجُلُوسَ عِنْدَ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ، فقَالَ: أَمَا تُرِيدُونَ أَنْ تَقُومُوا؟! إِنْ مَلَكَ الشَّمْسِ لا يَفْتُرُ عَنْ سَوْقِهَا.
وَدَخَلُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ النَّهْشَلِيِّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، وَهُوَ يُومِئُ، فَقِيلَ لَهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، قَالَ: أُبَادِرُ طَيَّ الصَّحِيفَةِ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفْرٍ، أنا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، أنا عَبْدُ الْعَزِيزِ الأَزَجِيُّ، ثنا ابْنُ جَهْضَمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفَرَائِضِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، قال:
1 / 45
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْعَطَّارَ يَقُولُ حَضَرْتُ الْجُنَيْدَ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَكَانَ يُصَلِّي قَاعِدًا، وَيَثْنِي رِجْلَهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى خَرَجَتِ الرُّوحُ مِنْ رِجْلَيْهِ فَثَقُلَ عَلَيْهِ حَرَكَتُهُمَا، وَكَانَتْ رِجْلاهُ قَدْ تَوَرَّمَتَا فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذِهِ نِعَمٌ، اللَّهُ أَكْبَرُ.
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ قَالَ له الجريري: لو اضطجعت فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ هَذَا وَقْتٌ نُؤْخَذُ مِنْهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ.
فَلَمْ يَزَلْ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ حَتَّى خَرَجَتْ رُوحُهُ.
وَقَالَتْ دَايَةُ دَاوُدَ الطَّائِيِّ: أَمَا تَشْتَهِي الْخُبْزَ؟ فَقَالَ: بَيْنَ مَضْغِ الْخُبْزِ وَشُرْبِ الْفَتِيتِ قِرَاءَةُ خَمْسِينَ آيَةً.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَمْدُونٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْعَبَّاسِ يَقُولُ:
سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: كَانَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ إِذَا صَلَّى الْعَتَمَةَ، لا يَزَالُ قَائِمًا حَتَّى يُصَلِّيَ الْغَدَاةَ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً.
1 / 46
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:
حَجَّ الأَسْوَدُ ثَمَانِينَ مِنْ بَيْنِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ.
قَالَ أَحْمَدُ: وَثنا حَجَّاجٌ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَرْوَانَ قَالَ:
كَانَ الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ يُجْهِدُ نَفْسَهُ فِي الصَّوْمِ وَالْعِبَادَةِ حَتَّى يَخْضَرَّ جَسَدُهُ وَيَصْفَرُّ، وَكَانَ عَلْقَمَةُ يَقُولُ لَهُ: لِمَ تُعَذِّبُ هَذَا الْجَسَدَ؟! فَيَقُولُ: إِنَّ الأَمْرَ جَدٌّ، إِنَّ الأَمْرَ جَدٌّ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَثنا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: كَانَ مَرَّةً يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ألف ركعة، فلما ثقل وبدن صلى أربعمائة رَكْعَةٍ، وَكُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى مَبَارِكِهِ كَأَنَّهَا مَبَارِكُ الإبل.
1 / 47