254

Hidayat Hayara

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

Editor

محمد أحمد الحاج

Editorial

دار القلم- دار الشامية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

Ubicación del editor

جدة - السعودية

يَذْبَحُونَهَا قُرْبَانًا لِلْأَصْنَامِ لِأَنَّهُ سُمِّيَ عَلَيْهَا غَيْرُ اللَّهِ، فَأَمَّا مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ وَذُبِحَ لِلَّهِ فَلَمْ تَنْطِقِ التَّوْرَاةُ بِتَحْرِيمِهِ أَلْبَتَّةَ، بَلْ نَطَقَتْ بِإِبَاحَةِ أَكْلِهِمْ مِنْ أَيْدِي غَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ، وَمُوسَى إِنَّمَا نَهَاهُمْ عَنْ مُنَاكَحَةِ عُبَّادِ الْأَصْنَامِ خَاصَّةً، وَأَكْلِ مَا يَذْبَحُونَهُ بِاسْمِ الْأَصْنَامِ، قَالُوا: التَّوْرَاةُ حَرَّمَتْ عَلَيْنَا أَكْلَ الطَّرِيفَا، قِيلَ لَهُمْ: الطَّرِيفَا هِيَ الْفَرِيسَةُ الَّتِي يَفْتَرِسُهَا الْأَسَدُ وَالذِّئْبُ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنَ السِّبَاعِ، كَمَا قَالَ فِي التَّوْرَاةِ: وَلَحْمٌ فِي الصَّحْرَاءِ فَرِيسَةٌ لَا تَأْكُلُوا لِلْكَلْبِ أَلْقَوْهُ، فَلَمَّا نَظَرَ فُقَهَاؤُهُمْ إِلَى التَّوْرَاةِ غَيْرِ نَاطِقَةٍ بِتَحْرِيمٍ مَأْكَلٍ الْأُمَمِ عَلَيْهِمْ إِلَّا عُبَّادَ الْأَصْنَامِ، وَصَرَّحَتِ التَّوْرَاةُ بِأَنَّ تَحْرِيمَ مُؤَاكَلَتِهِمْ وَمُخَالَطَتِهِمْ خَوْفَ اسْتِدْرَاجِ الْمُخَالَطَةِ إِلَى الْمُنَاكَحَةِ، وَالْمُنَاكَحَةُ قَدْ تَسْتَتْبِعُ الِانْتِقَالَ إِلَى أَدْيَانِهِمْ وَمُوَافَقَتَهُمْ فِي عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَوَجَدُوا جَمِيعَ هَذَا وَاضِحًا فِي التَّوْرَاةِ، اخْتَلَقُوا كِتَابًا سُمُّوهُ (هَلَكَتْ شَحِيطَا) وَتَفْسِيرُهُ: عَلِمُ الذَّبَاحَةِ، وَوَضَعُوا فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنَ الْآصَارِ وَالْأَغْلَالِ مَا شَغَلَهُمْ بِهِ عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الذُّلِّ وَالصَّغَارِ وَالْخِزْيِ، فَأَمَرُوهُمْ فِيهِ أَنْ يَنْفُخُوا الرِّئَةَ حَتَّى يَمْلَئُوهَا هَوَاءً، وَيَتَأَمَّلُونَهَا هَلْ يَخْرُجُ الْهَوَّاءُ مِنْ ثُقْبٍ مِنْهَا أَمْ لَا؟ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا الْهَوَاءُ حَرَّمُوهُ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْضُ أَطْرَافِ الرِّئَةُ لَاصِقَةً بِبَعْضٍ لَمْ يَأْكُلُوهُ، وَأَمَرُوا الَّذِي يَتَفَقَّدُ الذَّبِيحَةَ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِي بَطْنِ الذَّبِيحَةِ وَيَتَأَمَّلُ بِأَصَابِعِهِ، فَإِنْ وَجَدَ الْقَلْبَ مُلْتَصِقًا إِلَى الظَّهْرِ أَوْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الِالْتِصَاقُ بِعِرْقٍ دَقِيقٍ كَالشَّعْرَةِ، حَرَّمُوهُ وَلَمْ يَأْكُلُوهُ وَسُمُّوهُ طَرِيفًا، وَمَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ نَجِسٌ حَرَامٌ، وَهَذِهِ التَّسْمِيَةُ عُدْوَانٌ مِنْهُمْ، فَإِنَّ مَعْنَاهَا فِي لُغَتِهِمْ هُوَ: الْفَرِيسَةُ الَّتِي يَفْتَرِسُهَا السَّبْعُ، لَيْسَ لَهَا مَعْنَى فِي لُغَتِهِمْ سِوَاهُ.
وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ: أَنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ لَمَّا جَاءُوا بِقَمِيصِهِ مُلَطَّخًا بِالدَّمِ، قَالَ يَعْقُوبُ فِي جُمْلَةِ كَلَامِهِ: " طَارُوفْ يَطْرَافْ يُوسُفَ "، تَفْسِيرُهُ: وَحْشٌ رَدِيءٌ أَكَلَهُ افْتِرَاسًا افْتَرَسَ يُوسُفَ.

2 / 470