198

Hidayat Hayara

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

Editor

محمد أحمد الحاج

Editorial

دار القلم- دار الشامية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

Ubicación del editor

جدة - السعودية

وَالْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ، وَالْأَوَّلُ مِمَّا نَقَلُوهُ مِنْ كُتُبِهِمْ، وَعُلَمَاؤُهُمْ يُقِرُّونَ أَنَّهُ فِي كُتُبِهِمْ.
فَالدَّلِيلُ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ يُقَامُ عَلَيْهِمْ مِنْ كُتُبِهِمْ، وَبِهَذَا الْوَجْهِ يُقَامُ عَلَيْهِمْ بِشَهَادَةِ مَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ إِمَّا مِنْ عُظَمَائِهِمْ، وَإِمَّا مِمَّنْ رَغِبَ عَنْ رِئَاسَتِهِ وَمَالِهِ وَوَجَاهَتِهِ فِيهِمْ وَآثَرَ الْإِيمَانَ عَلَى الْكُفْرِ، وَالْهُدَى عَلَى الضَّلَالِ، وَهُوَ فِي هَذَا مُدَّعٍ أَنَّ عُلَمَاءَهُمْ يَعْرِفُونَ ذَلِكَ وَيُقِرُّونَ بِهِ وَلَكِنْ لَا يُطْلِعُونَ جُهَّالَهُمْ عَلَيْهِ.
وَالْأَخْبَارُ وَالْبِشَارَةُ بِنُبُوَّتِهِ ﷺ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ عُرِفَتْ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ:
(أَحَدُهَا) مَا ذَكَرْنَاهُ، وَهُوَ قَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ وَغَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ.
(الثَّانِي) إِخْبَارُهُ ﷺ لَهُمْ أَنَّهُ مَذْكُورٌ عِنْدَهُمْ، وَأَنَّهُمْ وُعِدُوا بِهِ، وَأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ بَشَّرَتْ بِهِ، وَاحْتِجَاجُهُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ لَا وُجُودَ لَهُ أَلْبَتَّةَ، لَكَانَ مُغْرِيًا لَهُمْ بِتَكْذِيبِهِ مُنَفِّرًا لِأَتْبَاعِهِ مُحْتَجًّا عَلَى دَعْوَاهُ بِمَا يَشْهَدُ بِبُطْلَانِهَا.
(الثَّالِثُ) أَنَّ هَاتَيْنِ الْأُمَّتَيْنِ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ الْكُتُبَ الْقَدِيمَةَ بَشَّرَتْ بِنَبِيٍّ عَظِيمِ الشَّأْنِ، يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، نَعْتُهُ كَيْتَ وَكَيْتَ، وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلَمَّا جَاءَهُمْ آمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ، وَعَرَفُوا أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ. وَأَمَّا الْيَهُودُ فَعُلَمَاؤُهُمْ عَرَفُوهُ وَتَيَقَّنُوا أَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ جَحَدَ نُبُوَّتَهُ، وَقَالَ لِلْأَتْبَاعِ: إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بَعْدُ.
وَأَمَّا النَّصَارَى فَوَضَعُوا بِشَارَاتِ التَّوْرَاةِ وَالنُّبُوَّاتِ الَّتِي بَعْدَهَا عَلَى الْمَسِيحِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ بَعْضَهَا صَرِيحٌ فِيهِ، وَبَعْضَهَا مُمْتَنِعٌ حَمْلَهُ عَلَيْهِ، وَبَعْضَهَا مُحْتَمَلٌ.
وَأَمَّا بِشَارَاتُ الْمَسِيحِ فَحَمَلُوهَا كُلَّهَا عَلَى الْحَوَارِيِّينَ، وَإِذَا جَاءَهُمْ مَا يَسْتَحِيلُ انْطِبَاقُهُ عَلَيْهِمْ، حَرَّفُوهُ أَوْ سَكَتُوا عَنْهُ، وَقَالُوا: لَا نَدْرِي مَنِ الْمُرَادُ بِهِ.
(الرَّابِعُ) اعْتِرَافُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي كُتُبِهِمْ، وَعَنِ الْمُسْلِمِينَ

2 / 414