159

Hidayat Hayara

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

Investigador

محمد أحمد الحاج

Editorial

دار القلم- دار الشامية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

Ubicación del editor

جدة - السعودية

الْعَرَبِ فَأَصْبَحُوا بَيْنَ قَتِيلٍ وَأَسِيرٍ وَمُنْهَزِمٍ.
قَوْلُ دَانْيَالَ وَذِكْرُهُ بِاسْمِهِ الصَّرِيحِ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيضٍ وَلَا تَلْوِيحٍ، وَقَالَ: سَتَنْزِعُ فِي قِسِيِّكَ أَعْرَاقًا وَتَرْتَوِي السِّهَامُ بِأَمْرِكِ يَا مُحَمَّدُ ارْتِوَاءً.
وَقَوْلُ دَانْيَالَ النَّبِيِّ أَيْضًا حِينَ سَأَلَهُ بُخْتَنَصَّرُ عَنْ تَأْوِيلِ رُؤْيَا رَآهَا ثُمَّ أُنْسِيَهَا: رَأَيْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ صَنَمًا عَظِيمًا قَائِمًا بَيْنَ يَدَيْكَ رَأَسُهُ مِنَ الذَّهَبِ، وَسَاعِدَاهُ مِنَ الْفِضَّةِ، وَبَطْنُهُ وَفَخِذُهُ مِنَ النُّحَاسِ، وَسَاقَاهُ مِنَ الْحَدِيدِ، وَرِجْلَاهُ مِنَ الْخَزَفِ، فَبَيْنَمَا أَنْتَ تَتَعَجَّبُ مِنْهُ إِذْ أَقْبَلَتْ صَخْرَةٌ فَدَقَّتْ فِي ذَلِكَ الصَّنَمِ فَتَفَتَّتَ وَتَلَاشَى، وَعَادَ رُفَاتًا، ثُمَّ نَسَفَتْهُ الرِّيَاحُ، وَذَهَبَ وَتَحَوَّلَ ذَلِكَ الْحَجَرُ إِنْسَانًا عَظِيمًا مَلَأَ الْأَرْضَ، فَهَذَا مَا رَأَيْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ، فَقَالَ بُخْتُنَصَّرُ: صَدَقْتَ، فَمَا تَأْوِيلُهَا؟ قَالَ: أَنْتَ الرَّأْسُ الَّذِي رَأَيْتَهُ مِنَ الذَّهَبِ، وَيَقُومُ بَعْدَكَ وَلَدُكَ، وَهُوَ الَّذِي رَأَيْتَهُ مِنَ الْفِضَّةِ، وَهُوَ دُونُكَ وَتَقُوُمُ بَعْدَهُ مَمْلَكَةٌ أُخْرَى هِيَ دُونَهُ وَهِيَ تُشْبِهُ النُّحَاسَ، وَبَعْدَهَا مَمْلَكَةٌ قَوِيَّةٌ مِثْلَ الْحَدِيدِ، وَأَمَّا الرِّجْلَانِ اللَّذَانِ رَأَيْتَ مِنْ خَزَفٍ فَمَمْلَكَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَأَمَّا الْحَجَرُ الْعَظِيمُ الَّذِي رَأَيْتَهُ دَقَّ الصَّنَمَ فَفَتَّتَهُ فَهُوَ نَبِيٌّ يُقِيمُهُ إِلَهُ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ بِشَرِيعَةٍ قَوِيَّةٍ فَيَدُقُّ جَمِيعَ مُلُوكِ الْأَرْضِ وَأُمَمِهَا حَتَّى تَمْتَلِئَ الْأَرْضُ مِنْهُ وَمِنْ أُمَّتِهِ، وَيَدُومُ سُلْطَانُ ذَلِكَ النَّبِيِّ إِلَى انْقِضَاءِ الدُّنْيَا، فَهَذَا تَعْبِيرُ رُؤْيَاكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا مُنْطَبِقٌ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﷺ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، لَا عَلَى الْمَسِيحِ وَلَا عَلَى نَبِيٍّ سِوَاهُ، فَهُوَ الَّذِي بُعِثَ بِشَرِيعَةٍ قَوِيَّةٍ، وَدَقَّ جَمِيعَ مُلُوكِ الْأَرْضِ وَأُمَمِهَا، حَتَّى

2 / 375