وما ادعاه من عدم الخلاف كأنه قلد فيه النووي في «شرح المهذب»، وهو غريب، ففي «النهاية» الجزم بامتناع الخلط إذا شرطنا الترتيب بين المضمضة والاستنشاق، فإنه قال: وقطع أصحاب القفال بأن ترتيب الاستنشاق على المضمضة مأمور به، والخلط يجزئ إذا قلنا: الترتيب ليس مأمورًا به، والخلط وإن أجزأ إذا لم نشترط الترتيب ليس مأمورًا به. هذه عبارته، وهي تحتاج إلى تأمل.
قوله: ولو كان عليه شعر خفيف وكثيف غسل ما تحت الخفيف دون الكثيف، والماوردي خص ذلك بما إذا تميز أحدهما عن الآخر، فإن لم يتميز وجوب غسل ما تحت الجميع، لما في الإفراد من المشقة، وقيل: إنه يجب غسل ما تحت الجميع مطلقًا، قال الرافعي: وهو المذكور في «التهذيب». انتهى.
واعلم أن هذا النقل عن «التهذيب» غلط، فإن المجزوم به في «التهذيب» أن لكل واحد حكمه، ولكن الرافعي وقع له هذا الغلط، ولم يتفطن له المصنف. نعم، الخلاف ثابت وإن ثبت غلط النقل عن «التهذيب»، فقد جزم القاضي الحسين بالوجوب، كذا رأيته في «شرح التلخيص» له، وهو كتاب عزيز الوجود.
قوله: فرع: إذا حلق الشعر الذي لا يجب غسل ما تحته بعد إفاضة الماء عليه لا يجب غسل ما تحته، وكذا في الشعر إذا حلق بعد المسح عليه لا يعيد المسح على الرأس، بخلاف ما إذا ظهرت الرجل من الخف بعد المسح، والفرق: أن الشعر هنا أصل، بدليل أنه لو غسل ما تحته فقط أجزأه في الأصح، وعن ابن خيران: إلحاق شعر الرأس بالخف، وهو بعيد. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن تعبيره بـ «الأصح» فيما إذا غسل ما تحت شعر الوجه صريح في إثبات الخلاف في إجزائه، ولم يذكر ذلك أحد علمناه مع شدة الفحص، بل ولا هو- أيضًا- في الموضع الذي أحال عليه، وهو الكلام على مسح الرأس، وإنما نقل عدم الإجزاء عن القاضي فقط، واقتصر عليه.
الثاني: أن ما نقله عن ابن خيران قد حكاه عنه الإمام ومن تبعه، وهو تحريف، فإن القائل به إنما هو ابن جرير، فلا خلاف إذن في المسألة، وممن نبه عليه النووي في «شرح المهذب» وفي غيره، وأشار إليه هو- أعني المصنف- في موضعه.
قوله: وإذا خلق له يد زائدة أو إصبع زائدة أو سلعة في محل الفرض وجب غسل
20 / 31