Hidaya en Principios
Géneros
العبد ، ولا بإجبار العبد وإلجائه ، وإلا لم يكن فعلا اختياريا له ، والمفروض أنه يشتاق إلى فعله الاختياري ، بل طلبه إظهاره له بأنه يشتاق إلى هذا الفعل لما يرى أن العبد لا يأتي به لو لا ذلك ، لأنه لا يرى في الفعل المصلحة التي يراها فيه ، فهذا الطلب صدر من المولى لغرض أن يكون داعيا للعبد ، وباعتبار أن يكون باعثا إياه إلى المطلوب منه فهو بعث اعتباري لا حقيقي ، ولو كان بعثا حقيقيا خارجيا ، لكان مستلزما للانبعاث وتابعا له في الإمكان والاستحالة ، فإنهما متحدان خارجا متغايران اعتبارا ، كالكسر والانكسار.
فإذا كان البعث بعثا اعتباريا لا حقيقيا ، فلا ينافي استحالة الانبعاث الخارجي الحقيقي ، بل ينافي استحالة الانبعاث الاعتباري ، ومن البديهي أن الانبعاث الاعتباري غير مستحيل بل واقع قطعا ، فإذا بعث المولى اعتبارا ، فالعبد منبعث اعتبارا يقينا ، وينتزع عن هذا البعث عناوين كثيرة ، فالمولى يتصف بأنه باعث ، وطالب ، وآمر ، ومحرك اعتبارا ، والعبد يتصف بأنه مبعوث ، ومأمور ، ومطلوب منه ، ومنبعث ، ومتحرك اعتبارا أيضا ، والفعل يتصف بأنه مبعوث إليه ، ومأمور به ، ومطلوب ، ومحرك [إليه] وإذا تحقق أحد هذه العناوين ، يستلزم تحقق جميعها ، فإنها من المتضايفات ، كما أنه في البعث الحقيقي أيضا كذلك ، ولا يعقل تحقق أحد هذه العناوين حقيقة بدون تحقق ما بقيها (1).
وبالجملة حيث إن الوجوب ليس من قبيل البعث الخارجي ، بل هو بعث اعتباري وطلب لغرض الداعوية وباعتبار الباعثية فلا إشكال في فعليته وتأخر الواجب عنه ، ولا محذور فيه إلا محذور اللغوية ، المفقود في المقام.
Página 57