الأول : في معاني الحروف ، وأنها وضعت لأي شيء؟
الثاني : في أن الموضوع له فيها خاص أو لا؟
أما المقام الأول : فاختلف فيه على أقوال ثلاث :
الأول : ما نسب إلى الرضي قدسسره من أن الحروف لا معنى له أصلا ، بل هي علامات لخصوصيات مدخولها كالإعراب (1).
مثلا : كلمة «دار» تارة تلاحظ مستقلة وبما أنها موجودة عينية ، فيقال : هذه الدار قيمتها كذا ، وأخرى تلاحظ بما أنها ظرف مكان شيء آخر وموجود أيني ، فيقال : ضربت في الدار ، فلفظة «في» في هذا المثال علامة لكون مدخولها ظرفا لشيء آخر ، وهو الضرب.
وفيه : أن الظرفية إما مستفادة من مفهوم الدار ، أو من لفظة «في» لا مجال للأول ، فلا محالة تستفاد من لفظة «في».
وهذه الدلالة إما طبيعية ، كدلالة «أح أح» على وجع الصدر ، أو عقلية ، كدلالة الدخان على وجود النار ، أو وضعية ، لا ريب في بطلان الأولين ، ضرورة أن لازمهما أن يعرفها كل أحد ولم يكن عارفا بهذه اللغة ، فيتعين الثالث ، أي : كونها وضعية.
الثاني من الأقوال : ما نسب إلى الرضي (2) قدسسره أيضا ، واختاره صاحب الكفاية (3) قدسسره وهو : أنه لا فرق بين الحروف
Página 35