330

Hidaya

الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني

Investigador

عبد اللطيف هميم - ماهر ياسين الفحل

Editorial

مؤسسة غراس للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٥ هـ / ٢٠٠٤ م

Géneros

أكَلَهَا للجِيْرَان نَصَّ عَلَيْهِ في رِوَايَة أبي طَالِبٍ (١) وعِنْدِي أنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بالمَسْجِدِ حَاجَةٌ إِلَى ثَمَنِ ذَلِكَ، لأنَّ الجِيْرَانَ يَعْمُرُوْنَهُ ويكسُونَهُ فأمَّا إِذَا احْتَاجَ المَسْجِدُ إِلَى ذَلِكَ بِيْعَتْ وصُرِفَ ثَمَنُهَا في عِمَارَتِهِ، وهذا إِذَا كَانَتْ قَدْ وُقِفَتْ مَعَ المَسْجِدِ، فأمَّا إنْ غُرِسَتْ فِيْهِ لَمْ يَجُزْ وللإمَامِ قَلَعَهَا، وَإِذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ أو عَلَى وَلَدِ فُلانٍ اسْتَوَى في ذَلِكَ الذُّكُورُ والإنَاثُ، فإنْ وَقَفَ عَلَى مُحَمَّدٍ وزَيْدٍ وخَالِدٍ ثُمَّ عَلَى المَسَاكِيْنِ، فَمَنْ مَاتَ مِنَ الثَّلاَثَةِ رَجَعَ حَقُّهُ إِلَى الآخَرِ، فإنْ مَاتَ اثْنَانِ رَجَعَ إِلَى الثَّالِثِ، وَإِذَا انْقَرَضُوا رَجَعَ إِلَى المَسَاكِيْنِ، فإنْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيْهِ ولهُ مَوَالٍ مِنْ فَوْقٍ ومَوَالٍ مِنْ تَحْتٍ قسمَ بَيْنَهُمْ. وَقَالَ ابن حَامِدٍ: يَخُصُّ بِهِ مَوَالِيْهِ مِنْ فَوْق (٢).
وَإِذَا وَقَفَ عَلَى الفُقَرَاءِ صَحَّ، وجَازَ صَرْفُهُ إِلَى وَاحِدٍ في أحَدِ الوَجْهَيْنِ (٣)، وفي الآخَرِ يُصْرَفُ إِلَى ثَلاَثَةٍ مِنْهُمْ بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا في الزَّكَاةِ، ولا يُدْفَعُ إِلَى فَقِيْرٍ مِنْ ذَلِكَ زِيَادَة عَلَى خَمْسِيْنَ دِرْهَمًا أو قِيْمَتَهَا مِنَ الذَّهَبِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (٤)، وفي الآخَرِ يَجُوزُ وَهُوَ الأقْوَى عِنْدِي. وَكَذَلِكَ الحُكْمُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبِيْلَةٍ كَبِيْرَةٍ كَبَنِي هَاشِمٍ وبَنِي تَمِيْمٍ، ويَرْجِعُ في قِسْمَةِ غَلَّةِ الوَقْفِ إِلَى شَرْطِ الوَاقِفِ مِنَ التَّقْدِيْمِ والتأْخِيْرِ والتَّسْوِيَةِ والتَّفْضِيْلِ وإخْرَاجِ مَنْ أرَادَ بِصِفَةٍ وإدْخَالِهِ بِصِفَةٍ، ولا يَجُوزُ تَغْيِيرُ ذَلِكَ.
كِتَابُ العَطَايَا والهِبَاتِ
الهِبَةُ والعَطِيَّةُ: عِبَارَةٌ عَنْ تَمْلِيْكِ مَالٍ في صِحَّتِهِ لا في مُقَابِلِةِ مالٍ ويُسْتَحَبُّ مِنْهَا ما قُصِدَ بِهِ وَجْهَ اللهِ تَعَالَى، كالهِبَةِ لِلْعُلَمَاءِ والفُقَراءِ، وما قُصِدَ بِهِ صِلَةُ الرَّحِمِ كالهِبَةِ للأقْرَبِيْنَ، ويُكْرَهُ ما قُصِدَ بِهِ المُبَاهَاةُ والرِّيَاءُ ويلْزَمُ بالإيْجَابِ والقَبُولِ والقَبْضِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (٥)، وفي الأخْرَى إن كَانَتْ مُعَيِّنَةً كالثَّوْبِ والعَبْدِ والسَّهْمِ المَعْلُومِ مِنَ الضَّيْعَةِ، لَزِمَتْ بِمُجَرَّدِ الإيْجَابِ والقَبُولِ، فإنَّ كان لَهُ في ذِمَّةِ إنْسَانٍ دَيْنٌ فأبْرَأَهُ / ٢١٨ ظ / مِنْهُ

(١) انظر: المقنع: ١٦٤، المحرر في الفقه ١/ ٣٧١.
(٢) انظر: الهادي: ١٤٤، الشرح الكبير ٦/ ٢١١، الإنصاف ٧/ ٩٣.
(٣) انظر: المغني: ٦/ ٢١٣.
(٤) جَاءَ فِي المغني: ٦/ ٢١٣: «واختلف فِي قدر مَا يحصل بِهِ الغني، فَقَالَ أَحْمَد فِي رِوَايَة عَلِيّ بن سَعِيد فِي الرَّجُل يعطى من الوقف خمسين درهمًا، فَقَالَ: إن كَانَ الواقف ذكر فِي كتابه المساكين فَهُوَ مِثْل الزكاة، وإن كَانَ متطوعًا أعطي مَا شَاءَ وكيف شَاءَ فَقَدْ نَصَّ أَحْمَد عَلَى إلحاقه بالزكاة فيكون الخلاف فِيْهِ كالخلاف فِي الزكاة والله أعلم».
(٥) انظر: الشرح الكبير: ٦/ ٢٥٠، والإنصاف: ٧/ ١١٩.

1 / 338