وأجيب : بان الغير لما نوى ذلك الفعل له صار بمنزلة الوكيل عن القائم مقامه شرعا ، فكأنه بسعيه ، وهذا لا يتأتى إلا بطريق عموم المجاز ، والجمع بين الحقيقة والمجاز عند من يجوزه 0 وأجيب أيضا : بان سعي غيره لما لم ينفعه إلا مبنيا على سعي نفسه من الأيمان ، فكأنه سعيه ، ودل على بنائه على ذلك الحديث المتقدم في نذر العاص في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة 0 وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " أما أبوك فلو اقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك " 0
وقال بعض الأجلة : انه {5/أ} ورد في الكتاب والسنة ما هو قطعي في حصول الانتفاع بعمل الغير ، وهو ينافي ظاهر الآية ، فتقيد بما لا يهبه العامل (1) 0
وسئل والي خراسان عبد الله بن طاهر ، الحسين بن الفضل عن هذه الآية مع قوله تعالى : ( والله يضاعف لمن يشاء ) (سورة البقرة : 261) فقال : ليس له بالعدل إلا ما سعى ، وله بالفضل ما شاء الله تعالى ، فقبل عبد الله رأس الحسين 0
وقال عكرمة : كان هذا الحكم في قوم إبراهيم وموسى عليهما السلام ، وأما هذه الأمة فللإنسان منها سعي غيره ، يدل عليه حديث سعد بن عبادة : هل لامي إذا تطوعت عنها قال - صلى الله عليه وسلم - : نعم 0
وقال الربيع : الإنسان هنا الكافر ، وأما المؤمن فله ما سعى وسعى غيره (2)0
وعن ابن عباس : الآية منسوخة بقوله تعالى : ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ) (سورة الطور :21 ) 0 وتعقب أبو حيان رواية النسخ بأنها لا تصح ، لأن الآية خبر لم تتضمن تكليفا ، ولا نسخ في الأخبار 0(3)
Página 28