Hegel: Una introducción muy breve
هيجل: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
يجد هيجل أن الجمع بين الإشباع الفردي والحرية يتوافق مع الطبيعة الاجتماعية للمجتمع العضوي. السؤال الآن: ما شكل المجتمع الذي كان يجول في خاطره؟
قرب نهاية القرن التاسع عشر، تبنى الفيلسوف البريطاني إف إتش برادلي - الذي قد لا يكون على نفس مستوى هيجل بوصفه مفكرا أصيلا، لكنه بالتأكيد يتفوق عليه في أسلوب الكتابة - فكرة هيجل عن المجتمع العضوي؛ لذلك سأجعل عرض برادلي لأساس التناغم بين المصلحة الشخصية والقيم المجتمعية يتحدث نيابة عن هيجل. يصف برادلي تطور الطفل الذي ينشأ في مجتمع كالتالي:
يولد ... الطفل ... في عالم حي ... هو لا يفكر حتى في ذاته المستقلة؛ ينمو مع عالمه، عقله يملأ نفسه ويأمرها؛ وعندما يستطيع فصل ذاته عن ذلك العالم والتعرف عليها بعيدا عنه، تكون نفسه - المسئولة عن وعيه بذاته - حينئذ قد تم اختراقها وإفسادها، ويجد بها آخرين. ويظهر مضمونها في كل جانب منها الارتباط بالمجتمع. فهو يتعلم، أو ربما يكون قد تعلم بالفعل، أن يتحدث، وهنا يستغل الإرث المشترك لبني جنسه، اللغة التي يعتبرها خاصة به هي لغة بلاده، فهي ... نفسها التي يتحدث بها الآخرون وتحمل إلى عقله أفكار بني جنسه وعواطفهم ... وتميزها بسمة لا يمكن محوها. يكبر في إطار القدوة والتقاليد العامة ... وروحه التي بداخله تشبعت، وامتلأت، وتميزت، وتكيفت، وتوصلت إلى جوهرها، وأنشأت نفسها، هي ذاتها الحياة في الحياة الكونية، وإذا ما انقلب عليها، فهو ينقلب على نفسه.
شكل : إف إتش برادلي (1846-1924).
إن وجهة نظر برادلي، وهيجل، هي أنه نظرا لأن احتياجاتنا ورغباتنا يشكلها المجتمع، يقوم المجتمع العضوي بتشجيع الرغبات التي تفيده أكثر، كما يرسخ في أذهان أعضائه أن هويتهم تكمن في كونهم جزءا منه حتى لا يفكروا مطلقا في الخروج عليه سعيا وراء مصالحهم الشخصية، وهذا يشبه تفكير أحد أعضاء الجسم البشري، كأن تفكر الذراع اليسرى في الانفصال عن الكتف سعيا لإيجاد شيء أفضل للقيام به بدلا من إدخال الطعام في فم الإنسان. وينبغي أيضا ألا ننسى أن العلاقة بين الكائن الحي وأعضائه هي علاقة تبادلية؛ فأنا بحاجة إلى ذراعي اليسرى وذراعي اليسرى بحاجة إلي. لن يتجاهل المجتمع العضوي مصالح أعضائه مثلما لا يمكنني تجاهل حدوث إصابة في ذراعي اليسرى.
إذا أمكننا قبول هذا النموذج العضوي للمجتمع، فيمكننا ضمان أنه سينهي الصراع القديم بين مصالح الفرد ومصالح المجتمع. لكن كيف يحافظ هذا النموذج على الحرية؟ ألا يظهر مجرد امتثال ضيق الأفق للعادات والتقاليد؟ وفيم يختلف عن المجتمعات اليونانية التي يعتبرها هيجل مفتقرة للمبدأ الرئيسي للحرية الإنسانية الذي قدمته حركة الإصلاح الديني، والذي عبر عنه - ولو من جانب واحد - مفهوم كانط عن الواجب؟
يختلف مواطنو مجتمع هيجل عن مواطني العالم اليوناني؛ لأنهم بالتأكيد ينتمون إلى عصر تاريخي مختلف، ولديهم الإنجازات التي حققتها روما، والمسيحية، وحركة الإصلاح الديني باعتبارها جزءا من تراثهم الفكري. وهم على دراية بقدرتهم على تحقيق الحرية وقدرتهم على اتخاذ قراراتهم الشخصية وفقا لضمائرهم. فالأخلاق العرفية، التي تتطلب الامتثال لقوانينها لأن العرف ببساطة يقضي بالامتثال لها، لا يمكن أن تتحكم في طاعة الأشخاص ذوي التفكير الحر (لقد رأينا كيف كان تشكيك سقراط تهديدا خطيرا لأساس المجتمع في أثينا). لا يمكن أن يمتثل الأشخاص ذوو التفكير الحر إلا للمؤسسات التي يؤمنون أنها تعمل وفقا للمبادئ العقلانية؛ لذا فإن المجتمع العضوي الحديث، على عكس المجتمعات القديمة، يجب أن يقوم على مبادئ العقل.
رأينا في كتاب «فلسفة التاريخ» ما حدث عندما تجرأ الناس للمرة الأولى على إسقاط المؤسسات غير العقلانية وتأسيس دولة جديدة تستند إلى المبادئ العقلانية الخالصة. لقد أدرك قادة الثورة الفرنسية العقل بمعناه المجرد والكوني الخالص، الذي لم يكن ليتسامح مع النزعات الطبيعية للمجتمع. كانت الثورة هي التجسيد السياسي للخطأ الذي وقع فيه كانط فيما يتعلق بمفهومه المجرد والكوني الخالص عن الواجب، الذي لم يكن ليتسامح مع الجانب الطبيعي للبشر. وامتثالا لهذه العقلانية الخالصة، تم إلغاء الملكية، وجميع طبقات النبلاء الأخرى، وتم إحلال ديانة «عبادة العقل» محل الديانة المسيحية، وتم إلغاء نظام الموازين والمقاييس القديم لإفساح المجال للنظام المتري الأكثر عقلانية، حتى التقويم تم إصلاحه؛ وكانت النتيجة الإرهاب، الذي يتصارع فيه ما هو كوني خالص مع الفرد ويتخلص منه. أو لنصيغه بكلمات مختلفة عن لغة هيجل: ترى الدولة الأفراد بوصفهم أعداءها وتقتلهم.
وعلى الرغم من فجاعة فشل الثورة الفرنسية بالنسبة لأولئك الذين عانوا منها، هناك درس مهم يجب تعلمه؛ وهو أنه لبناء دولة على أساس عقلاني بحق يجب ألا ندمر كل شيء ونحاول البدء من نقطة الصفر تماما، بل يجب أن نبحث عما هو عقلاني في العالم الحالي ونسمح لهذا العامل العقلاني بالانطلاق لأقصى مدى. وبهذه الطريقة، يمكننا أن نضيف إلى العقل والفضيلة الموجودين بالفعل في المجتمع.
فيما يلي قصة رمزية حديثة يمكن أن توضح سبب نظرة هيجل إلى الثورة الفرنسية باعتبارها فشلا مجيدا، وما قد نتعلمه منها: عندما بدأ الناس الحياة في المدن، لم يفكر أحد في تخطيط المدن، بل قاموا فقط بإنشاء منازلهم ومتاجرهم ومصانعهم في أي مكان بدا لهم أكثر ملاءمة، ونمت المدن بطريقة فوضوية تماما. ثم أتى شخص ما وقال: «هذا أمر سيئ! نحن لا نفكر بشأن المظهر الذي نرغب في أن تبدو عليه مدننا. حياتنا تحكمها المصادفة! نحتاج شخصا ما لتخطيط مدننا، ليجعلها تتماشى مع تصورنا للجمال والحياة الجيدة.» وهكذا ظهر مخططو المدن، الذين أزالوا الأحياء القديمة وأنشئوا مباني سكنية عالية عصرية، يحيط بها طوق من المروج الخضراء. وتم توسيع الطرق وتسويتها، ووضع مراكز التسوق في منتصف مساحات شاسعة لانتظار السيارات، وعزل المصانع بعناية بعيدا عن المناطق السكنية. ثم جلس مخططو المدن في انتظار أن يشكرهم الناس، لكن الناس تذمروا؛ لأنهم عندما ينظرون من شققهم المرتفعة لا يتمكنون من رؤية أطفالهم وهم يلعبون في المروج التي تبعد مسافة عشرة أدوار عنهم؛ تذمروا لافتقادهم المتاجر الصغيرة المحلية، ولأن المسافة كانت بعيدة ليعبروا كل هذه المروج الخضراء وأماكن انتظار السيارات ليصلوا إلى مراكز التسوق؛ تذمروا لأنه نتيجة لاضطرار كل شخص الآن أن يقود سيارته إلى العمل، أصبحت تلك الطرق المستوية والواسعة الجديدة تعاني من اختناق مروري. وأسوأ من كل ذلك، أنهم تذمروا لأن أحدا لم يعد يسير في الشوارع؛ مما جعل الشوارع غير آمنة، وأصبح السير عبر هذه المروج الخضراء الفاتنة بعد أن يحل الظلام أمرا خطيرا. ولذلك تم الاستغناء عن مخططي المدن القدامى وظهر جيل جديد من مخططي المدن، كان قد تعلم من أخطاء سابقيهم. وأول ما قام به مخططو المدن الجدد هو وقف هدم الأحياء القديمة. وبدلا من هذا، بدءوا ملاحظة السمات الإيجابية في المدن القديمة غير المخططة، وراقتهم الآفاق المتعددة للشوارع الضيقة غير المستوية، ولاحظوا كيف كان ملائما وجود متاجر ومساكن وحتى مصانع صغيرة بعضها بجانب بعض، كما لاحظوا كيف حدت هذه الشوارع من حركة المرور، وشجعت الناس على السير، وجعلت مركز المدينة نشطا وآمنا. وهذا لا يعني أن إعجابهم بالمدن القديمة غير المخططة كان بلا تحفظات؛ فكان هناك بعض الأشياء التي تحتاج إلى تنظيم، فتم نقل بعض الصناعات المزعجة على وجه الخصوص من المناطق السكنية، وتم ترميم العديد من المباني القديمة أو إحلال مبان بدلا منها تتماشى مع البيئة المحيطة. ومع ذلك، فإن ما اكتشفه مخططو المدن الجدد هو أن المدن القديمة كانت جيدة، وهذا هو العامل الذي كان يجب الحفاظ عليه، بصرف النظر عن الإصلاحات التي قد تظل مرجوة.
Página desconocida