لكن يمكن تحقيق الاستفادة الجيدة من كل شيء، وذلك إذا ما رغب المرء في هذا. •••
لم تذهب أونيدا للمدرسة مع بقيتنا، على أية حال؛ أعني أنه لم يكن بها ما يؤهلها جيدا للحياة. لقد ذهبت إلى مدرسة للبنات، مدرسة خاصة، لا أستطيع تذكر اسمها، هذا إن كنت أعرفه بالأساس. حتى في أوقات الصيف لم تكن تتواجد هنا كثيرا. أعتقد أن عائلتها كانت تمتلك منزلا آخر يطل على بحيرة سيمكو؛ كانوا يمتلكون أموالا كثيرة، بل كانت كثيرة جدا في واقع الأمر بدرجة لا يمكن معها تصنيفهم مع أي شخص آخر في البلدة، حتى لو كانوا الأثرياء بها.
كان أونيدا اسما غير مألوف، ولا يزال كذلك، ولم يكن متداولا حينها هنا. ولقد اكتشفت فيما بعد أنه اسم هندي، ومن الأرجح أنه كان اختيار أمها التي ماتت حينما كانت أونيدا في فترة المراهقة، وأعتقد أن والدها كان يناديها بإيدا.
تجمعت لدي كل الأوراق؛ أكوام من الأوراق عن تاريخ البلدة الذي كنت أعكف على دراستها. لكن على الرغم من ذلك كانت هناك بعض الفجوات؛ فلم يكن ثمة تفسير مرض عن كيفية اختفاء الأموال. ومع ذلك لم تكن هناك حاجة لذلك؛ فما يتناقله الأشخاص شفهيا كان كافيا لإيضاح الأمر، لكن الغريب هو تلاشي ما تناقله الأشخاص بمرور الوقت.
كان والد إيدا يدير المصرف، وحتى في تلك الأيام، كان المصرفيون يغيرون باستمرار، وكان يحدث ذلك في رأيي حتى لا تتوطد صلاتهم بالعملاء. لكن آل جانتزن كانوا قد أمضوا بالبلدة وقتا طويلا جعلهم لا يخضعون لأي لوائح أو قواعد، أو هكذا بدا الأمر. كان هوراس جانتزن بالقطع من الرجال الذين كان يبدو عليهم أنهم خلقوا ليكونوا ذوي نفوذ. كانت لديه لحية بيضاء كثيفة، بالرغم من أن اللحى، طبقا للصور الفوتوغرافية، كانت تعد نمطا قديما، وذلك بحلول الحرب العالمية الأولى. كان ذا قامة متوسطة، وسمينا، ويحمل وجهه تعبيرات تتسم بالجدية.
في تلك الأوقات الصعبة التي اتسمت بها فترة الثلاثينيات من القرن العشرين، كان الناس لا يزالون يأتون بأفكار جديدة، وكانت السجون تأوي الرجال الذين كانوا يتسكعون بخطوط السكك الحديدية، ولكن حتى بعضهم، بالتأكيد، كانت لديهم فكرة كان من الممكن أن تجلب لهم الملايين من الدولارات.
والمليون دولار في ذلك الوقت كان بالفعل مبلغا كبيرا جدا.
ومع ذلك لم يكن أحد متسكعي السكك الحديدية هؤلاء هو من ذهب إلى المصرف لكي يتحدث إلى هوراس جانتزن، ولا أحد يدري إن كان من ذهب إليه شخصا واحدا أم مجموعة من الأشخاص؛ ربما كان أحد الغرباء أو بعضا من أصدقاء الأصدقاء. ومن المؤكد أنه كان متأنقا وذا مظهر مقبول؛ إذ كان هوراس يهتم بالمظاهر، ولم يكن بالشخص الأحمق، لكنه لم يستشعر سريعا - كما هو المفترض منه - أنه قد تكون هناك خدعة.
كانت الفكرة تدور حول تجديد السيارات التي تعمل بالبخار، وهو نوع من السيارات كان متواجدا في مطلع القرن العشرين، وربما كان هوراس جانتزن نفسه يمتلك واحدة وربما كان مولعا بها كثيرا. وبالطبع سيكون هذا الطراز الجديد نسخة محسنة، من مزاياه توفير الوقود وعدم إحداث جلبة كبيرة أثناء السير.
ليس لدي المزيد من التفاصيل عن هذا الأمر؛ إذ كنت في المدرسة الثانوية حينها، لكني أستطيع تخيل الكلام الذي تسرب، وكم السخرية والحماسة والأخبار التي كانت تتوارد عن استعداد بعض أصحاب الأعمال في تورونتو، أو وندسور، أو كتشنر للتصنيع المحلي لهذا الطراز، الذين قيل إن بعضهم لديه من الأموال ما يكفي للاستثمار في هذا المشروع، في حين أن البعض الآخر تساءل إن كان من الممكن أن يحصلوا على بعض الدعم من أجل القيام بذلك.
Página desconocida