قال جريج: «معذرة.» دون أي توضيح، لكن على نحو ينم عن نوع من الود وطلب الصداقة، ثم مد يده نحو كاتي ليصطحبها، وقال: «لنر إن كان هناك مكان للعب.»
تبعتهما جريتا ولوري. وتمنت جريتا ألا يكون جريج واحدا من هؤلاء البالغين الذين يقيمون صداقات مع الأطفال للتيقن من مدى جاذبيتهم لديهم، ثم يغلب عليهم بعد ذلك الشعور بالملل والغضب عندما يدركون أن الأطفال لا يملون من التعلق بهم وإظهار مشاعرهم نحوهم.
وأثناء وقت الغداء أو بعده بقليل، أدركت أنها ليست بحاجة إلى القلق؛ فلم يحدث أن شعر جريج بالإنهاك والملل حيال اهتمام كاتي وتعلقها، بل انضم العديد من الأطفال الآخرين إلى ساحة المنافسة، ولم يبد على جريج مطلقا أي شيء ينم على شعوره بالملل.
لم يقم بالترتيب لأي نوع من المنافسة؛ لقد نجح في جذب الانتباه إليه أولا، ثم جعل الأطفال ينتبه كل منهم للآخر، ثم جعلهم يمارسون بعض الألعاب الممتعة، أو حتى المثيرة التي تستنزف طاقتهم، وليس تلك العنيفة التي تسبب ضيقهم. لم يظهر أحدهم أي شعور بالغضب، واختفت سلوكيات الأطفال المعهودة التي تعكس تدللهم. لم يكن هناك ببساطة وقت لذلك؛ فقد كانت هناك ألعاب مثيرة تجذب اهتمامهم. لقد كان ذلك بمنزلة معجزة؛ كيف استطاع بمنتهى السهولة أن يسيطر عليهم في تلك المساحة الصغيرة. أما طاقتهم التي استنزفوها، فستجعلهم يغفون سريعا في المساء.
قالت جريتا للوري: «إنه رائع.»
قالت لوري: «هو هكذا في أغلب الأحيان، إنه لا يدخر طاقته. كثير من الممثلين يفعلون ذلك؛ الممثلين بوجه خاص، وقد يموتون عندما لا يمثلون.»
حدثت جريتا نفسها قائلة: هذا ما أفعله؛ إنني أدخر طاقتي معظم الوقت. لكني أهتم بكاتي، وأهتم ببيتر.
في خلال العقد الذي دخلوا فيه بالفعل، وهو الشيء الذي لم تلاحظه هي على الأقل، سيكون هناك الكثير من الاهتمام الذي سيولى لصفة التواجد التي وصفت بها لوري جريج، والتي سيتغير معناها لمعنى لم يعتد عليه من قبل؛ الاتفاق مع ما هو سائد. العطاء. يوجد أشخاص معطاءون وآخرون ليسوا كذلك. وكان من المفترض أن تتلاشى الحواجز بين ما يدور داخل عقلك وما يدور خارجه؛ فالمصداقية تتطلب ذلك. كانت أشياء مثل قصائد جريتا التي لا تتفق مع ما هو سائد مصدر ريبة، بل مصدر احتقار أيضا في بعض الأحيان. بالطبع، استمرت على نحو صحيح في فعل ما كانت تفعله؛ فقد كانت تعارض الثقافة المضادة وتسبر غورها سرا بعزم. ولكن في اللحظة الحاضرة، استسلمت طفلتها تماما لجريج، وأيا ما كان يفعله؛ فقد كانت تشعر حياله بالامتنان الكامل.
وكما توقعت جريتا فقد خلد الأطفال للنوم في فترة ما بعد الظهيرة، وكذلك فعل بعض الأمهات، بينما راح بعضهن يلعب الورق. أخذ جريج وجريتا يلوحان للوري عندما نزلت في جاسبر، بينما راحت هي تبعث لهم بالقبلات وهي تقف على رصيف المحطة. ظهر رجل متقدم في العمر وحمل عنها حقيبتها، وقبلها بحنان ثم لوح لجريج الذي أشار إليه بدوره هو الآخر.
قال جريج: «إن حاضرها يعانقها.»
Página desconocida