استيقظ مبكرا وقرر أن يمشي لبعض الوقت قبل تناول الإفطار. لقد أخذ قسطا وافرا من النوم، لكنه حدث نفسه بأنه يجب عليه أن يأخذ راحة من جو المستشفى. لم يكن يشعر بقلق شديد بسبب التغيير الذي طرأ على بيل؛ فقد كان يعتقد أن من الممكن أو حتى من المحتمل أنها ستعود إلى حالتها الطبيعية خلال يوم أو خلال عدة أيام. إنها ربما حتى لن تتذكر القصة التي قصتها على مسامعه، وتلك نعمة في حد ذاتها.
كانت الشمس ساطعة، كما يمكن أن يتوقع المرء في ذلك الوقت من العام، وكانت الحافلات وعربات الترام ممتلئة بالفعل عن آخرها. سار قليلا باتجاه الجنوب، ثم اتجه نحو الغرب إلى شارع دانداس، وبعد فترة وجد نفسه في الحي الصيني الذي كان قد سمع به. كانت هناك أكوام من خضراوات معروفة، وأكوام أكثر من خضراوات غير معروفة تماما يتم نقلها إلى المتاجر، كما كانت هناك حيوانات صغيرة منزوعة الجلد بدت صالحة للأكل معلقة ومعروضة للبيع. كانت الشوارع ممتلئة بالشاحنات التي ركنت بنحو غير قانوني، وشذرات صاخبة من اللغة الصينية بدت يائسة. اللغة الصينية. كل ذلك الصخب العالي بدا وكأن هناك حرب دائرة، لكن من المحتمل أن ذلك بالنسبة إليهم هو مجرد شيء اعتيادي يحدث كل يوم. ومع ذلك شعر أنه كان يرغب في الابتعاد عن كل هذا، فذهب إلى مطعم يديره الصينيون لكنه كان يعلن عن إفطار عادي مكون من البيض ولحم الخنزير المقدد، وعندما غادر المكان كان ينوي أن يستدير ويعود أدراجه من حيث أتى.
لكنه وجد نفسه يتجه أكثر نحو الجنوب، وسار في شارع سكني تصطف فيه منازل عالية وضيقة بعض الشيء مصنوعة من الطوب. لا بد أنها بنيت قبل أن يستشعر الأشخاص في هذه المنطقة حاجتهم إلى ممرات خاصة بالسيارات، أو ربما حتى قبل أن يقتنوا سيارات بالأساس، أو حتى قبل أن تكون هناك تلك الأشياء المعروفة بالسيارات. سار حتى وجد لافتة كتب عليها شارع كوين ستريت الذي سمع عنه. استدار متجها نحو الغرب ثانية، وبعد عدة بنايات وجد أمامه عائقا؛ فأمام متجر لبيع الكعك المحلى وجد جمعا صغيرا من الناس.
كانت قد أوقفتهم سيارة إسعاف ركنت مباشرة فوق رصيف المشاة بحيث لا يتمكن أحد من المرور. كان بعضهم يتذمر من التأخير ويتساءل بصوت عال إن كان ركن سيارة الإسعاف فوق الرصيف تصرفا قانونيا، بينما بدا البعض الآخر هادئا وهم يتحدثون عما يمكن أن يكون كنه المشكلة. لقد أتى ذكر الموت، وتحدث بعض الناظرين عن الأشخاص الذين من المحتمل أن ماتوا، بينما قال البعض الآخر إن الموت هو الذريعة القانونية الوحيدة لأن تتواجد المركبة في هذا المكان.
لم يكن الرجل الذي خرج محمولا ومحزما إلى النقالة قد فارق الحياة، وإلا فإنهم كانوا سيغطون وجهه؛ ومع هذا، كان فاقد الوعي، وكانت بشرته بلون الإسمنت الرمادي. لم يكن محمولا من داخل متجر الكعك المحلى، كما توقع البعض وهم يتندرون - حيث كان هذا نوعا من الانتقاد لجودة الكعك المقدم في هذا المتجر - إنما من داخل الباب الرئيسي للبناية. كانت بناية سكنية ذات مظهر مقبول، مصنوعة من الطوب ومكونة من خمسة طوابق. وكان يقع في الطابق الرئيسي مغسلة تعمل بالعملة ومتجر الكعك المحلى. وكان الاسم المحفور فوق الباب الرئيسي يوحي بالكبرياء وببعض من حمق الماضي.
بوني داندي.
وأخيرا خرج من المبنى رجل لا يرتدي زي رجال الإسعاف، وقف ينظر في سخط نحو الجمع الذي كان يفكر الآن في أن ينفض. والشيء الأخير الذي يمكن انتظاره الآن هو صوت سيارة الإسعاف الهائل الذي يشبه العويل وهي تشق طريقها وتختفي بعيدا.
كان جاكسون واحدا من أولئك الذين لم يهتموا بالانصراف. لم يكن ليقل إنه كان ينتابه الفضول بشأن أي من هذا، أكثر من أنه كان ينتظر المنعطف الذي لا مفر منه، والذي كان ينتظر أن يمر منه لكي يعود به من حيث أتى. سار نحوه الرجل الذي خرج من المبنى وسأله إن كان على عجل. «لا، ليس بوجه خاص.»
كان هذا الرجل مالك المبنى، أما الرجل الذي حملته سيارة الإسعاف فهو الحارس والملاحظ. «يجب أن أذهب إلى المستشفى لأعرف ما المكروه الذي وقع له. لقد كان على ما يرام بالأمس، ولم يشتك من شيء من قبل، وليس هناك شخص قريب الصلة به يمكن أن أتصل به، بقدر علمي. والأسوأ من هذا أنني لا يمكنني إيجاد المفاتيح. لم تكن معه أو في المكان الذي يعتاد الاحتفاظ بها فيه؛ لذا علي أن أعود إلى منزلي وأحضر النسخة الاحتياطية، وإنني أتساءل إن كان بمقدورك أن تحرس المكان في هذه الأثناء؟ علي أن أذهب إلى المنزل والمستشفى أيضا. بإمكاني أن أطلب ذلك من أحد المستأجرين، لكني أفضل ألا أفعل هذا، إن كنت تدري ما أقصد؛ فأنا لا أريد أن يزعجوني بالسؤال عما حدث في حين أنني لا أعرف أكثر مما يعرفون.»
وسأل ثانية إن كان جاكسون لا يمانع، وأجاب جاكسون أنه لا بأس في هذا. «عليك فقط أن تراقب أي شخص يدلف أو يغادر، ويطلب رؤية مفتاحه، وأخبره أنها مجرد حالة طوارئ ولن تستمر طويلا.»
Página desconocida