La vida en el Oriente: sus estados, pueblos, pasado y presente
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
Géneros
5
ولكن مصطفى كمال ورجاله تمكنوا من القبض عليه والحصول على اعترافه ودقوا عنقه بعد ذلك، وقد أعلن هذا اللعين إخلاصه ورقبته في حبل المشنقة لأحد ملوك أوروبا وقال إنه يترك أسرته أمانة لدى جلالته ...
أوروبا تضطهد مصطفى كمال
وقد أظهر مؤلف «تاريخ الخدمة السرية الإنجليزية» أسرارا وخفايا تكاد تكون من الأحلام أو نوعا من أنواع الكابوس الذي يعتري النائم ... على أن مصطفى كمال هذا لم يوشك أن يحرر بلاده وشعبه ويلم شعثه ويعلن الجمهورية ويفصل الحكومة عن الدولة ويتخذ القوانين الأوروبية الحديثة المدنية والجنائية والدستورية؛ حتى قامت أوروبا تناوئه، وقد استعملت في هذا مشايخ الطرق المناحيس من الأكراد وغيرهم، فقامت في بداية الأمر فتنة في إصطامبول أعدم بسببها رجال كانوا فيما مضى نابهين أمثال جاويد باشا الذي باع حياته رخيصة في سبيل مؤامرة منحطة، وكان يمكنه الاستفادة من مواهبه الاقتصادية وانتفاع البلاد به. ثم تلتها ثورة الأكراد الأولى وكان محركها شيخا مفتونا، وتغلب عليها مصطفى كمال بعد جهود عظيمة، ثم تلتها ثورة الأكراد الأخيرة 1930، وكان زعماؤها من المشايخ المتصوفين الذين يرون في أعمال مصطفى كمال كفرا وخروجا على الدين، فعذرناهم لجهلهم وتعصبهم وربما رثينا للشيخ الذي مات فرقا قبل الوصول إلى حبل المشنقة، ولكن بعد أيام انكشف الأمر عن القبض على سبعة ضباط من الإنجليز كانوا يدبرون تلك الفتنة وقد أعدموا رميا بالرصاص ولم ينطقوا بحرف واحد. وإذن كانت أوروبا وراء هذه الثورة أيضا، وغايتها خلق المشاكل لمصطفى كمال حتى تسقط دولته، فلو كان مصطفى كمال ملحدا وخرج على الإسلام لينال حظوة أوروبا، لم تكن أوروبا لتسلط عليه جنودها وضباطها وتنفق الأموال في خراب بلاده. فالأفضل للمسلمين في الشرق أن يتركوا نغمة الانتقاد والتقريع ضد مصطفى كمال وغيره وأن «يتركوه كما تركهم»
6
وأن ينظروا إلى شئونهم الخاصة ببلادهم وأوطانهم، وأن ينظروا إلى الجذع الذي في أعينهم بدلا من أن ينظروا إلى القشة التي في عين جارهم.
إن الدين لله ويجب أن يبقى بين الإنسان وربه، وأن لا ندخله في كل شيء ونجعله مسئولا عن كل شيء، لقد انشغلت أفكارنا بالدين وشئونه حتى انسدل على بصيرتنا وأبصارنا حجاب كثيف لا يكشف ما وراءه فعمينا عن حقائق الأمور الملموسة أن الدين لا دخل له في أعمال البشر، ولا سيما في السياسة، فما انشغالنا نحن المسلمين بالحلال والحرام والجائز والمباح والمحظور في السياسة والخلافة والإمامة هو الذي ينقذنا أو يميتنا على حق ولكنه يورثنا الخبال والحيرة، وقد أمرنا الدين بأمور واضحة ونهانا عن مثلها بجلاء، وفي أنفسنا قوانين سامية تدلنا بالفطرة على أن الحلال بين والحرام بين، فلا فائدة من اندفاعنا في التفصيلات اندفاعا أعمى بعد أن تركنا الكليات. لقد تركنا العمل وتعلقنا بالأقوال، وودعنا الشجاعة والوفاء والإخلاص والإيمان بالله والثقة بالنفس واستقبلنا الصغائر والتمسك بالحروف.
ولا ننسى أن الأديان قد أورثت في كل بقاع الأرض حروبا، فأهل الدين الواحد يحاربون بعضهم بعضا وأهل الأديان المختلفة يتحاربون كل يريد انتصار طائفته، فأهرقت دماء كثيرة في سهول العالم وجباله ومدنه ووديانه.
فالنصارى اضطهدوا اليهود وطردوهم من بلادهم وطاردوهم فآواهم الأتراك والإسلام، والشيعة حاربت أهل السنة،
7
Página desconocida