La vida en el Oriente: sus estados, pueblos, pasado y presente
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
Géneros
فالذين من جهة ابن سعود قالوا إنها دسيسة إنجليزية، والذين من جهة أولاد الحسين قاموا يذكرون الثارات والأحقاد، وهناك أناس عند الإمام يحيى غرامهم في التخريب والتهريب ومنع كل وئام، والجميع ينسون ما يحدق بجزيرة العرب من خطر الاستعمار.
ويختم الأمير مقاله برأيه الصريح:
كل حلف عربي لا تكون قاعدته الاستقلال التام بكل معانيه الذي لا تشوبه أدنى شائبة للحجاز ونجد واليمن، لا يجوز أن يرضى به ابن سعود ولا الإمام يحيى.
كل حلف عربي يجب أن يسبقه الاستقلال
فأنت ترى القارئ لهذا المقال يخرج منه حائرا، لأن رأي الأمير صريح في وجوب الاستقلال قبل الحلف، وهذا الاستقلال معدوم الآن في العراق وفي الجزيرة ما عدا اليمن، والإمام يحيى لا يدخل في الحلف ولا شأن له به، ولم يطلبه أحد منه، لأن السكة الحديدية المزمعة لا تمر ببلاده. فما هو وجه التطمين من ناحية الإنجليز بعد أن ظهرت أعمالهم في أثناء الحرب وبعدها؟ وما فائدة هذا الحلف الذي يعقد بين أمراء واقعين تحت أنيار الإنجليز واستعمارهم؟
وليس الرأي العام العربي وحده ضد هذا الحلف إنما الرأي العام الشرقي كله، فقد جاء في جريدة شفق سرخ الفارسية التي تظهر في طهران في العدد 1717 ما نصه:
لقد وجدت فكرة مشروع الحلف العربي في جزيرة العرب منذ أربع سنين، وهذه الفكرة يقوم الإنجليز بالقسط الأوفر من تشجعيها وإخراجها إلى حيز الوجود، وقد انتهت مشكلة مد خط حديد حيفا - بغداد. ولما كان القسم الأعظم من هذا الخط وخط أنابيب بترول الموصل يمر من الأراضي الحجازية والمنطقة التي لم تهدأ يوما من الأيام من غارات العرب البدو الوهابيين؛ اضطر الإنجليز إلى إيجاد فكرة الحلف العربي للمحافظة على هذين الخطين: خط سكة حديد بغداد - حيفا وخط أنابيب البترول من الموصل إلى حيفا، ذلك الحلف المختص بالعراق وسورية ونجد والحجاز فقط بدون أن يشمل اليمن وغيرها من بلدان الجزيرة. ولم يقصد الإنجليز من هذا الحلف الثلاثي سوى إدخال جلالة الملك ابن سعود فيه وتقييده بقيود تضطره للمحافظة على حصته من الأراضي التي يمر فيها الخطان المذكوران، وبهذه الوسيلة يتمكن الإنجليز من تأمين الطريق من تعديات الوهابيين وغارات البدو الرحالة.
ويظهر من سير القضية وأدوارها في الأيام الأخيرة أن الإنجليز لا يريدون أن يتظاهروا بالقضية، وإنما ألقوا التبعة فيها على عاتق نوري السعيد باشا رئيس وزراء العراق، فأوعزوا إليه بتنفيذ هذه الفكرة ممهدين له السبل في الخفاء مع جلالة ابن سعود.
وهذا البيان صادر من إيران وليس من رجال ابن سعود ولا من رجال الإمام يحيى ولا من حاشية الملك فيصل، فما قول الأمير شكيب في ذلك؟ وهل يعقل أن مشروعا خطيرا كهذا يقوم به أمراء العرب بدون رغبة الإنجليز فضلا عن أمرهم الصريح؟ وإذا كان الغرض من الحلف ظاهرا وهو تأمين طريق حيفا - بغداد وأنابيب زيت الموصل، فلماذا نذهب إلى الجنوب ونفترض أو نتخيل أن إنجلترا تريده في مصلحة العرب ضد استعمار جديد يأتي من دولة عظمى أخرى تعد الجيوش والطيارات؟
وإذا كان المقصود إنشاء حلف عربي تام بمعنى الكلمة، فلماذا يكون بين العراق (وهي ليست من الجزيرة) وملك نجد والحجاز دون أن يكون بين جميع الأمم العربية ومنها سورية وفلسطين ومصر وشمال أفريقيا؟
Página desconocida