La vida de las chicas y las mujeres
حياة الصبايا والنساء
Géneros
لم أكن أرغب في سماع المزيد، أولا كنت أجفل من الفكرة المتضمنة أنه أمر قد يحدث لأي شخص، وأنني أنا شخصيا ربما كنت سأتعرض لذلك بسبب نقص شيء عادي معروف قابل للقياس مثل الأكسجين، كما جعلتني كلمة قناة الولادة أتخيل نهرا من الدماء مستقيم الضفتين. وتخيلت العم بوب أوليفانت وهو يمسك بساقي العمة مويرا الثقيلتين المليئتين بالأوردة ويضمهما معا وهي تلهث وتحاول أن تضع مولودها، ولم أتمالك نفسي من التفكير في هذا الأمر بعدها كلما رأيته. وكلما رأيناه في منزله يكون جالسا بجوار المذياع يدخن الغليون ويستمع إلى مسلسلي «بلاكي من بوسطن» أو «دورية الشرطة»، وسط صرير الإطارات وطلقات البنادق وهو يهز رأسه الأصلع. هل كان يضع غليونه في فمه وهو يضم ساقي العمة مويرا؟ هل كان يمنحها إيماءات تأكيدية وهي تصرخ من الألم أثناء الولادة، كما يفعل وهو يستمع إلى «بلاكي من بوسطن»؟
ربما بسبب هذه القصة بدا لي أن الكآبة التي تتدفق من العمة مويرا لها رائحة تتعلق بأمراض النساء؛ مثل رائحة الضمادات المطاطية الغامضة على ساقيها. كانت امرأة يمكنني تشخيصها الآن بالإصابة بدوالي الأوردة والبواسير، وهبوط الرحم وتكيسات المبيضين، والالتهابات والإفرازات، والورم والحصوات في أماكن عديدة؛ إحدى الناجيات البدينات المحطمات من حياة الإناث واللاتي يتحركن بصعوبة وحذر، وفي جعبتها الكثير من القصص لتحكيها. كانت تجلس في الشرفة على المقعد الهزاز وهي ترتدي - رغم ارتفاع درجة الحرارة - فستانا أنيقا داكن اللون ذا طبقات كثيرة، يرتعش من تلألؤ الخرز عليه، وقبعة كبيرة على شكل عمامة، وجوربين بنيين ضاربين إلى الحمرة، كانت أحيانا تدليهما للأسفل كي تجعل الضمادات «تتنفس». ولا يمكننا الدفاع كثيرا عن الزواج إذا ما قارنتها بشقيقتيها اللتين لا يزال بإمكانهما القفز بسرعة، ولا تزالان تفوح منهما رائحة الانتعاش والصحة، واللتين تذكران من حين لآخر مقاس وسطيهما في غير رضا. حتى أثناء مجرد الوقوف أو الجلوس، أو الحركة على الكرسي الهزاز، كانت العمة مويرا تطلق دمدمات من الشكوى التي كانت لاإرادية ومعبرة كأصوات الهضم أو إطلاق الريح.
أخذت تخبرنا عن بورترفيلد، لم تكن مدينة تمنع احتساء الكحوليات كمدينة جوبيلي، بل كان بها قاعتان لتناول الشراب تواجهان بعضهما البعض على كلا جانبي الشارع الرئيسي، تقع كل منهما في أحد فندقي المدينة، وأحيانا في مساء يوم السبت أو صباح يوم الأحد يقع شجار مروع في الطريق. ويقع منزل العمة مويرا على بعد نصف مربع سكني من الشارع الرئيسي وقريبا من الرصيف، ومن وراء نافذتها الأمامية المظلمة شاهدت الرجال يضحكون بأصوات مرتفعة كالهمجيين، وشاهدت سيارة تدور حول نفسها ثم تتحطم في أحد أعمدة الهاتف حتى تهشمت عجلة القيادة واخترقت قلب السائق، كما رأت رجلين يجران فتاة ثملة لا تستطيع الوقوف وتتبول في الطريق وهي مرتدية ملابسها، ونظفت آثار قيء المخمورين من على سور منزلها المطلي. لم يكن كل هذا أكثر مما تتوقع رؤيته، ولم يكن سكارى يوم السبت فحسب هم الوقحين الذين يرتكبون أفعالا فاضحة، بل أيضا البقالون والجيران وعاملو توصيل الطلبات للمنازل المحتالون. وكان صوت العمة مويرا وهي تحكي بتمهل يمتد على مدار اليوم ويبدو وكأنه يملأ الفناء كالنفط الأسود، والعمة إلسبيث والعمة جريس تبديان تعاطفهما معها. «كلا، لا يتوقع أحد أن يمكنكما احتمال هذا!» «إننا لم نكن نعلم كم نحن محظوظون هنا.»
وكانتا تهرولان جيئة وذهابا؛ بفناجين الشاي، وأكواب عصير الليمون، والبسكويت الطازج بالزبد، ومسحوق الخبيز، وكعك مارثا واشنطن، وشرائح الكعك بالزبيب، وحلوى صغيرة من الفاكهة المجففة المكسوة بالسكر والمغلفة بجوز الهند، والتي تكون لذيذة المذاق.
كانت ماري آجنس تجلس وهي تستمع وتبتسم. ابتسمت لي. لم تكن ابتسامة ساذجة، بل كانت ابتسامة شخص يقدم - على نحو إلزامي بل وحتى استبدادي - لطفل كل مظاهر الود التي لا يمكن منحها لأي شخص آخر بحكم الخوف والعادة. كان شعرها الأسود قصيرا وأشواك البشرة تبدو على رقبتها النحيلة ذات اللون البني الفاتح، وكانت ترتدي نظارة طبية. كانت العمة مويرا تجعلها ترتدي ثياب طالبة في المرحلة الثانوية التي لم تمر بها هي قط؛ تنورة ذات طيات مربعة النقش فضفاضة عند الخصر، وقميصا أبيض اللون واسعا للغاية وطويل الأكمام ومكويا بعناية. لم تكن تضع مستحضرات التجميل أو حتى مسحوقا لإخفاء الشعر الناعم الداكن على جانبي فمها. وكانت تتحدث إلي باللهجة القاسية المتغطرسة غير الواثقة لشخص لا يكتفي بإثارة غيظ الآخرين، وإنما يحاكي أساليب إثارة الغيظ، فكانت تحاكي الطريقة التي سمعت بعض المتهورين والمرحين - ربما أصحاب المحال - يخاطبون بها الأطفال.
أمسكت بي وأنا أنظر عبر الألواح الزجاجية الصغيرة الملونة حول الباب الأمامي، وسألتني: «لماذا تفعلين هذا؟»
ثم قالت وهي تنظر عبر الجزء الأحمر من الزجاج: «الفناء يحترق!» ولكنها ضحكت ساخرة مني كما لو كنت أنا من قلتها.
وفي أحيان أخرى، كانت تختبئ في البهو المظلم ثم تقفز وتمسك بي من الخلف مغطية عيني بيديها قائلة: «احزري من أنا! من أنا؟!» كانت تعانقني وتدغدغني بقوة حتى أصرخ، وكانت يداها ساخنتين وجافتين وعناقها عنيفا. كنت أقاومها بأقصى طاقتي، ولكنني لم أستطع أن أسبها أو أبصق عليها أو أجذبها من شعرها كما أفعل مع زميلاتي في المدرسة بسبب كبر سنها - فهي نظريا امرأة ناضجة - ومكانتها التي تتمتع بالحماية، وهكذا فقد اعتبرتها متنمرة وقلت: إنني أكرهها، ولكن بالطبع ليس في جنكينز بيند. وفي الوقت نفسه، شعرت بالفضول ولم أشعر بالضيق عندما اكتشفت أنني قد أكون شديدة الأهمية - بصورة لا يمكنني فهمها حتى - بالنسبة لشخص ليس مهما بالنسبة لي على الإطلاق. فكانت تدحرجني على سجاد البهو وهي تدغدغ بطني بعنف كما لو كنت كلبا، وفي كل مرة كانت تغمرني الدهشة بقدر ما تسيطر علي قوتها غير المتوقعة، وألاعيبها غير العادلة. كنت أشعر بالذهول نفسه الذي يجتاح المختطفين الذين يدركون أنه في العالم الغريب لآسريهم هم ذوو قيمة لا تتعلق بأي شيء يعرفونه عن أنفسهم.
كنت أعلم أمرا آخر حدث لماري آجنس أخبرتني به أمي؛ فقبل عدة أعوام كانت في الفناء الأمامي لمنزلهم في بورترفيلد عندما كانت العمة مويرا تغسل الثياب في القبو، وأتى خمسة صبية أقنعوها بأن تتنزه معهم واصطحبوها إلى الأرض التي تقام عليها المعارض، وخلعوا عنها ملابسها، وتركوها راقدة على الوحل البارد حتى أصابها التهاب الشعب الهوائية وكادت تموت؛ ولذلك فهي ترتدي دائما ملابس داخلية ثقيلة حتى في الصيف.
أعتقد أن الإحساس بالإهانة - فقد أخبرتني أمي بالقصة كي تحذرني من احتمال التعرض للإهانة إذا ما اقتنعت يوما بالخروج مع الصبية - يكمن في خلع ثيابها بالكامل، في أنها كانت عارية. وقد أورثتني فكرة كوني عارية شعورا بالخزي في أعماقي. ففي كل مرة كنت أتذكر الطبيب وهو يخلع سروالي ويحقن مؤخرتي بمصل الجدري، كنت أشعر بالغضب والاضطراب والإذلال على نحو لا يطاق. تخيلت جسد ماري آجنس وهي ترقد عارية على الأرض ومؤخرتها الباردة ظاهرة للعيان - فهي بالنسبة لي أكثر عضو مخز يبدو عاجزا في جسد الإنسان، وخطر لي أنني لو حدث لي ذلك فلن أستمر على قيد الحياة بعدها. «ديل، عليك أنت وماري آجنس أن تذهبا في نزهة سيرا على الأقدام.» «عليكما أن تتسابقا حول الحظيرة حتى تعثرا على روبر.»
Página desconocida