وكذلك كان يحسب من المزاج الغث قول الأنباري:
ولما ضاق بطن الأرض عن أن
يضم علاك من بعد الممات
أصاروا الجو قبرك واستعاضوا
عن الأكفان ثوب السافيات
وهو معدود من عيون الرثاء عند من ينظرون إلى اللفظ ولا ينظرون إلى بواعث الرثاء من النفس الإنسانية، فمثل هذا الرثاء يقال للمكايدة أو للعبث، ولا ينم على حزن دخيل، ولا تقدير مفيد.
شكري الشاعر
ولم يكن أمتع من الاستماع إلى شكري وهو يقرأ القصيدة العربية أو الأوروبية، ويعلق عليها بيتا بيتا أمثال هذه التعليقات ... وما كتبه من النقد في مؤلفاته قطرة من بحر من تلك الآراء النفيسة، التي كان يرسلها عفو الساعة ولا يعنى بتقييدها.
وقد نظم شكري سبعة دواوين من الشعر، غير القصائد التي لم ينشرها وتمتلئ بها كراسة في حجم ديوانين آخرين أو أكثر، فمن تخير من هذه الدواوين المنشورة وغير المنشورة أمكنه أن يجمع منها زبدة من أجمل الشعر تضارع صفوة القول في كلام كبار الشعراء، وقد كانت له قدرة على رياضة النظم كما نرى في ترجماته لبعض رباعيات الخيام، فإن الترجمة أدل على قدرة النظم من التأليف لتقيد الناظم بالمعاني المنقولة التي لا يتصرف فيها، فقد أحسن فيما نقله من الخيام غاية الإحسان حيث يقول:
هاج للقلب جدة الحول أشجا
Página desconocida