إهداء
مقدمة
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
إهداء
مقدمة
الفصل الأول
الفصل الثاني
Página desconocida
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الحياة لنا
الحياة لنا
تأليف
ثروت أباظة
إهداء
إلى أبي دسوقي أباظة باشا:
ترددت في أن أرفع هذا الكتاب إليك؛ فإني
أخشى ألا أكون قد بلغت به المستوى الذي
Página desconocida
ترضاه، ولكن ما أسرع ما زايلني هذا التردد؛
فمن يقبل مني إذا لم تقبل أنت؟!
فإليك في أقدس جوار.
ابنك
ثروت
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
أقدم هذا الكتاب إلى القراء، فكرة لا مسرحية، ومشكلة قديمة لا رواية ذات تمهيد وقمة وحل؛ المواقف فيها قائمة للدفاع عن فكرة بعينها، فلا يأخذن علي المشتغلون بالمسرح أنني لم أراع الفن المسرحي كاملا في مواقفي، ولم أعمد إلى أن تثير نهاية هذه المواقف الشكوك والتخمينات فيما قد يحدث في الموقف الذي يليه، بل ضحيت بكل هذا لأجلو الفكرة التي كتبت من أجلها المسرحية كلها، وكثيرا ما كنت أتوقف في مفرق الطريقين بين إظهار الفكرة ومراعاة المسرح؛ فلا يطول بي التوقف، بل كنت أسير قدما في الطريق الذي يوضح الفكرة التي أكتب لها.
كان هذا فيما يتصل بالمسرحية ذاتها، أما فيما يتعلق بأشخاصها فقد قصدت إلى الدقة في تصويرهم، بحيث لا تلتوي مني الشخصية، ولا تنماع، حتى إذا تحولت الشخصية من طريق إلى طريق، بينت - قدر الجهد - أسباب هذا التحول ودوافعه. ولا شك أن تحليل الشخصيات التي أردت بها القصة، كان ضمن الأهداف التي قصدت إليها من الكتابة.
والقصة في مجموعها خيالية كما سيتضح للقارئ، وهذا يوسع لي أن أرسم من الشخصيات ما يحلو لي، ملتزما - بطبيعة الحال - القيود الطبيعية، فقد يرى قارئ - مثلا - أن شخصية مجدي شخصية مثالية لا توجد في القرن العشرين، بينما أرى أنا أنها تمثل المثالية العملية التي تسود الفلسفة الأخلاقية في القرن العشرين. وعلى كل حال هل هناك ما يمنعنا من الأمل في وجود مثلها؟! وإني في هذا أسير مع القائلين: إن وظيفة الكاتب هي أن يرسم الشخصيات تنبض بالنبضات الإنسانية التي نعرفها، وليس حتما على الكاتب أن يختار شخصياته من واقع الحياة نفسها، بل له أن يضفي عليها من آماله ونظرياته ما يريد.
Página desconocida
وقد اخترت لأسلوب الكتابة اللغة العربية البسيطة، لعل المتحاملين على اللغة العربية يخففون الوطأة بعض الشيء، فهي لغة تستطيع أن تصل إلى الجميع، إذا حاول الكتاب أن يصلوا بها إلى العامة وصلوا، وإذا كان هذا يكلفهم بعض الجهد، فلا بد للكتاب أن يجهدوا ما داموا قد اختاروا لأنفسهم مهنة لا راحة فيها.
على أن اللغة العربية - والحمد لله - سوف تبقى على الزمان مهما يحاول الزمان أن يغض منها، فالكاتب باللغة العامية في مصر يكتب لمصر فقط، بل لعله يكتب للقاهرة وحدها، أما الكاتب باللغة العربية فالعالم العربي كله يستطيع أن يقرأ له ويفهم عنه، وإن الجمال الذي تضفيه لغة القرآن على الكتابة لتتقاصر دونه كل اللغات العامية في العالم، ومهما يقل القائلون فإن الناحية الجمالية في الفن كانت وما زالت وسوف تظل من أهم مقومات الفنون.
ثروت
الفصل الأول
المنظر الأول (منزل حمدي بك العباسي، غرفة الصالون تجلس بها تحية ومعها ابنة خالتها سناء. الأثاث منسق في ذوق جميل وهو أنيق ولكن ليس بالغ الأناقة. الوقت صباحا. تحية مضطربة بعض الشيء وقريبتها تحدثها.)
سناء :
وتمت الخطبة!
تحية :
صحيح؟
سناء :
Página desconocida
وحياتك.
تحية :
حب كبير؟
سناء :
جدا. تصوري خطبها يوم الخميس الفائت، ويريد أن يتزوج بعد شهر!
تحية :
يا سلام! وفيم كل هذه السرعة؟
سناء :
الحب يا حبيبتي.
تحية :
Página desconocida
هيه يا سناء. أحيانا الحب يمنع من الزواج!
سناء :
كلام فارغ. الحب يعمل المستحيل.
تحية :
صحيح يعمل المستحيل، ولكنني لا أراه يعمل الغنى أبدا. يظهر يا سناء أن الغنى أكثر من المستحيل!
سناء :
من قال؟ الغنى نتيجة طبيعية للاجتهاد، والاجتهاد نتيجة طبيعية للحب.
تحية :
أنت غلطانة يا سناء.
سناء :
Página desconocida
أنت الغلطانة.
تحية :
تقصدين خطبتي؟
سناء :
طبعا أقصد خطبتك، أنت مخطوبة من سنتين!
تحية :
أبي يمنع إبراهيم من التوظف بالحكومة.
سناء :
وما له؟!
تحية :
Página desconocida
والله يا سناء أنا عارفة كل الظروف المحيطة بي وبإبراهيم، وأعرف أنه لو اجتهد لا بد أن يصل.
سناء :
وساكتة؟!
تحية :
وساكتة يا سناء. إبراهيم يعتقد أنه لن ينجح إلا إذا توظف. (تدخل أم تحية إجلال هانم وهي سيدة وقورة ذكية.)
إجلال :
ماذا جرى يا بنات؟ الكلام طال بينكم.
تحية :
والله يا أمي الكلام جر بعضه.
إجلال :
Página desconocida
وسناء ما ذنبها تقعد بين أربعة جدران؟ انزلي يا بنتي للجنينة.
سناء :
أبدا. والله هنا هواء والجو لطيف.
إجلال :
على كيفك. يا ترى العجائز لها مكان هنا؟
سناء :
أهلا وسهلا، أنت الخير والبركة.
إجلال (وهي تقعد) :
إبراهيم يجيء اليوم يا ترى؟
تحية :
Página desconocida
أظن يا أمي.
إجلال :
شاب طيب وابن حلال.
سناء :
صحيح يا خالتي، لكن ابن حلال ليست كافية.
إجلال (متعجبة) :
ليست كافية؟!
سناء :
طبعا. وما لنا نحن إذا كان ابن حلال أو لا، ما دام لا يتكلم في الخطبة التي عفنت.
إجلال :
Página desconocida
سبحان الله يا بنتي، كل إنسان له ظروفه.
سناء :
وظروفنا نحن يا خالتي؟! أليست لنا ظروف نحن أيضا؟
إجلال :
لا أفهم ما تقصدين.
سناء :
أقصد شابا يخطب أختي ويسكت بعد الخطبة سنتين، ومن الخطيبة؟ تحية؟! فتاة كل شاب يتمناها، طيب يتركها هو اليوم، ولا أقول غدا، بل اليوم يسعى لها ألف خطيب.
تحية (في غضب) :
لا، لا يا سناء، إلا أن يتركني. هي المسألة زواج؟ لا يا حبيبتي، ليس هذا الكلام، إلا أن يتركني أنا لو كنت أريد هذا ما تأخر.
سناء :
Página desconocida
فاهمة، فاهمة. حب.
تحية :
طبعا. وما العيب؟ لو لم يكن الحب لما قبلت الخطبة.
إجلال :
الله! بنت. هكذا أمامي؟!
تحية :
أنت عارفة قبل الكل أن حبي لإبراهيم هو وحده الذي نعتمد عليه في حياتنا.
سناء :
يا حبيبتي، أين هي حياتك هذه؟ كل كلامي من أجل حياتك هذه، أريدها، أريد أن أرى بيتك، حياتك، أولادك.
تحية :
Página desconocida
لا، لا يا سناء، المسألة زادت. هذا شيء وهذا شيء. إنه تأخر، أو معذور، مسألة أخرى غير أني أترك خطيبي.
سناء :
كيفك.
تحية :
طبعا كيفي.
سناء :
والله لولا أني منتظرة أخي مجدي لزعلت وتركتك.
تحية :
يا سلام! كل هذا لأني أحب خطيبي؟
سناء :
Página desconocida
على كيفك.
تحية :
عارفة. قلتها الآن. (يدخل مجدي وهو شاب أنيق وسيم فيسمع آخر النقاش.)
مجدي :
أعوذ بالله! كلما رأيتكما سمعت الخناق.
تحية :
أهلا، أهلا بالكاتب الكبير والمحامي الشهير والأديب ...
مجدي (في تصنع العظمة) :
أعرف كل ألقابي يا سيدتي، فلا تتعبي نفسك في ذكرها.
إجلال :
Página desconocida
بسم الله الرحمن الرحيم! ما له يتلكم وكأنه لويس الحادي عشر؟!
مجدي :
وما له لويس الحادي عشر أو حتى السادس عشر؟
تحية :
لا، ربنا يحفظك من السادس عشر يابن خالتي.
مجدي :
يا ستي، ربنا يحفظنا منك أولا.
تحية :
الله! بذمتك أنا عملت لك حاجة؟
مجدي :
Página desconocida
لا، ولكن الاستقبال لم يكن يبعث على الاطمئنان.
إجلال :
عجيبة! لم يكن ينقصها إلا أن تنحني وتتقدم خطوة إلى الأمام وأخرى إلى الوراء وتقبل الأرض!
مجدي :
يا خالتي، تحية لا تتقدم لي بألقابي هذه إلا لتتبعها بإغاظتي.
تحية :
لا والله. قرأت لك كتابك الأخير وأعجبت به حقا، أعجبت به فعلا، ثم قرأت مقالك في الجريدة، ثم قرأت نقدا لكتابك كله مديح لك وللكتاب، فالحقيقة أنني انتظرت حتى أراك؛ لأقدم إعجابي.
مجدي :
صحيح أعجبك؟
تحية :
Página desconocida
صحيح والله.
مجدي (في تعاظم مرة أخرى) :
أعرف، أعرف، الكل معجب به، فلماذا لا تعجبين؟ ومن أنت حتى لا تعجبي به؟!
تحية :
أنا غلطانة، كان يجب أن أقول الحق إذن.
مجدي (مقاطعا) :
في عرضك، إن الله لغني عن حقك هذا، الكذب أحسن، واظبي على الكذب.
إجلال :
يا أخي شغلتني عن ضيوف عمك.
سناء :
Página desconocida
ضيوف عمي؟
إجلال :
عندنا اليوم أصدقاء عمك سيتناولون الغداء معه.
سناء :
طيب، وماذا ستفعلين؟
إجلال :
ماذا سأفعل؟ أقف في المطبخ وأشرف، (تقوم)
على فكرة يا مجدي أنت وسناء، الغداء عندنا اليوم.
مجدي :
من غير دعوة يا خالتي، من غير دعوة. وهل يعقل أن نترك وليمة بحالها؟
Página desconocida
سناء :
عظيم، أنا سأعمل بأكلي وأشرف معك يا خالتي. (تخرج إجلال وسناء ويبقى بالمسرح مجدي وتحية.)
مجدي :
قولي لي، لماذا زعلت سناء؟
تحية :
عبيطة.
مجدي :
سناء؟! لا، جايز فيها العيوب كلها، إلا أنها عبيطة، والظاهر - والله أعلم - أن غيرها هو العبيط.
تحية :
إلى من تقصد يا سي مجدي؟ ماذا جرى؟ أنت وأختك اليوم ...
Página desconocida
مجدي (مقاطعا) :
يا ستي أنت حرة، لا أنا ولا أختي. أين الدكتور؟
تحية :
إبراهيم؟ أظنه سيكون في العيادة بعد قليل. لماذا؟
مجدي :
تذكرته فقط.
تحية :
لا، لا بد من سبب.
مجدي :
نعم، ألف سبب. إن لم تكلميه أنت، تكلمت أنا.
Página desconocida