ومرجوا منها، وينمحي ذكر الله تعالى من القلب، فإن الضعيف يقصر نظره على الوسائط، والعالم الراسخ هو الذي يطلع على أن الشمس، والقمر، والنجوم، مسخرات بأمره ﷾.
الوجه الثاني: إن أحكام النجوم تخمين محض، وليس يدرك في حق آحاد الأشخاص، لا يقينا ولا ظنا فالحكم به حكم بجهل، فيكون ذمه على هذا من حيث إنه جهل، لا من حيث إنه علم. وقد كان ذلك علما لإدريس ﵇ فيما يحكى، وقد اندرس ذلك العلم وانمحق وما يتفق من إصابة المنجم على ندور فهو اتفاق، لأنه قد يطلع على بعض الأسباب، ولا يحصل المسبب عقبها إلا بعد شروط كثيرة، ليس في قدرة البشر الاطلاع عليها. فإن اتفق أن قدر الله تعالى بقية الأسباب، وقعت الإصابة. وإن لم يقدر أخطأ. ويكون ذلك كتخمين الإنسان في أن السماء تمطر اليوم، مهما رأى الغيم يجتمع، وينبعث من الجبال، فيتحرك ظنه بذلك وربما يحمى النهار بالشمس، ويتبدد الغيم وربما يكون بخلافه، فإن مجرد الغيم ليس كافيا في مجيء المطر، وبقية الأسباب لا تدرى. وكذلك تخمين الملاح، أن السفينة تسلم، اعتمادا على ما ألفه من العادة في الرياح، ولتلك الرياح أسباب خفية، لا يطلع عليها الملاح، فتارة يصيب في تخمينه، وتارة يخطىء. ولهذه العلة يمنع القوم عن النجوم.
الوجه الثالث أنه لا فائدة فيه، فأقل أحواله أنه خوض في فضول لا يعني، وتضييع للعمر الذي هو أنفس بضائع الإنسان بغير فائدة، وغايته الخسران، فقد مرّ رسول الله ﷺ برجل، والناس مجتمعون عليه، فقال: «ما هذا»؟ قالوا: رجل علّامة فقال: بماذا؟ قالوا: بالشعر وأنساب العرب. فقال: «علم لا ينفع، وجهل لا يضر» وقال «١» ﷺ: «إنما العلم آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة» فإذا الخوض في النجوم إنما يشبه اقتحام خطر وخوض جهالة من غير فائدة فإن ما قدر كائن، والاحتراز غير ممكن، بخلاف الطب، فإن الحاجة إليه ماسّة، وأكثر أدلته مما يطلع عليه، وبخلاف التعبير، وإن كان تخمينا لأنه جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة، ولا خطر فيه. ولذلك أكثرنا في كتابنا هذا من النقل من هذين العلمين لضرورة الحاجة إليهما، ولقلة الخطأ فيهما لإمكان الاطلاع على أكثر أدلتهما، والله الموفق للصواب.
الإبل
: بكسر الباء الموحدة، وقد تسكن للتخفيف: الجمال وهو اسم واحد يقع على الجمع، وليس بجمع، ولا اسم جمع، إنما هو دال على الجنس، كذا قاله ابن سيده. وقال الجوهري: ليس لها واحد من لفظها وهي مؤنثة لأن أسماء الجموع، التي لا واحد لها من لفظها إذا كالنت لغير الآدميين فالتأنيث لها لازم، وإذا صغرتها أدخلت عليها الهاء فقلت: أبيلة وغنيمة ونحو ذلك، وربما قالوا للإبل: إبل بإسكان الباء كما تقدم، والجمع آبال والنسبة إبلي بفتح الباء.
روى ابن ماجه، عن عروة البارقي ﵁ أن النبي ﷺ «٢» قال: «الإبل عز لأهلها، والغنم بركة، والخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة» وفي حديث وهب «تأبل آدم على ابنه المقتول
1 / 26