وأما المساكن التي عرضها أقل من الميل الأعطم فإن الشمس تمر بسمت رؤوسهم في كل سنة دفعتين لأن الدوائر الموازية لمعدل النهار التي تقطع دائرة البروج فإنها تقطعها على نقطتين وميل هاتين النقطتين متساو لأنه بعد تلك الدائرة عن معدل النهارفإذا انتهت الشمس إلى النقطة الأولى من تينك النقطتين تحركت في سطح تلك الدائرة فمرت بسمت رؤوسهم الذين عرضهم مساو لميل تلك الدرجة ولا يكون حينئذ لأشخاص مقاييسهم ظل في نصف النهار ذلك اليوم. فإذا تحركت الشمس من تلك النقطة إلى جهة الشمال زالت عن سمت رووسهم وصارت أظلال مقاييسهم إلى جهة الجنوب فلا يزال كذلك إلى أن تنتهي إلى النقطة الثانية فتمر حيبئذ أيضا على سمت رؤوسهم فإذا تحركت من تلك النقطة إلى جهة الجنوب صارت أظلال مقاييسهم إلى جهة الشمال.
وأما الذين عرضهم أكثر من الميل الأعظم فليست تمر الشمس بسمت رؤوسهم بل تكون أبدا مائلة إلى الجنوب عنهم ويكون أظلال مقاييسهم أبدا إلى جهة الشمال وهذا الذي ذكرنا هو حال ميول الشمس. فأما ميل الكواكب السيارة والثابتة فهو قوس من دائرة عظيمة فيما بين النقطة المسامتة لمركز الكوكب وبين معدل النهار أما من الدوائر التي تخرج من قطبي العالم وتسمى هذه القوس ميل الكوكب وأما من الدوائر التي تخرج من قطبي دائرة البروج فربما سميت القوس ميل الكوكب وربما سميت عرض الكوكب بالقياس إلى معدل النهار.
وتختلف ميول الكواكب السيارة كما يختلف ميل الشمس لأن لكل واحد منها دائرة تخصه مقاطعة لدائرة معدل النهار تكون حركته بحسبها فيميل إلى الشمال وإلى الجنوب كما تميل الشمس إلى هاتين الجهتين وكلما بعد أيضا من نقطتى التقاطع كان أكثر ميلا. فأما الكواكب الثابتة فإن ميلها ليس يختلف اختلافا بينا لأنها بطيئة الحركة لكن في الزمان الطويل يتبين اختلاف ميولها.
Página 28