Alrededor de la Cama del Emperador
حول سرير الإمبراطور
Géneros
نابوليون في فرائه في أثناء حملة روسيا في سنة 1812.
قيل إنه كان وهو في تلك الحالة التي يعاني فيها أثقال المخاوف والهموم وآلام الفكر والبدن ضعيفا في إرادته مترددا في عزمه بعيدا عن القدرة والإقدام اللذين اتصف بهما، ولكن هذا القول يحتاج إلى إثبات، ومن يقرأ شيئا من تلك الأوامر لا يسعه إلا الاعتراف بأنها صادرة عن ذهن صاف وخاطر سريع ونظر بعيد.
واستراح طويلا في موسكو، فلم يغادرها إلا في أصيل اليوم الثاني عشر من الشهر، بعد أن اطلع على حالة الخسارة في الجيشين وحركات العدو والذخيرة وغير ذلك، فكان حتى الساعة الأخيرة قابضا على زمام الإدارة والإحكام، يدير بنفسه دفة الجيش، ماشيا على قدميه ليلا ونهارا، لا يعرف الراحة إلا مضطرا، ولا ينام إلا غرارا.
هذه هي الحقيقة فيما يختص بمرض نابوليون الذي جعله الكونت سيكور وغيره العامل الأكبر في اندحار الإمبراطور وتقهقره.
وقد تناول قلم تولستوي بالهزء من زعم أن نتيجة هذه المعركة كانت معلقة بزكام نابوليون فقال: إن مخلص روسيا إذن هو ذلك الخادم الذي نسي أن يقدم إلى سيده حذاء لا يخترقه الماء، كما قال من قبل فولتير مستهزئا أيضا: «إن مذبحة سان برنامي كانت نتيجة الهضم في معدة شارل التاسع.»
نعم، إن حالة الإنسان العقلية والبدنية تؤثر في تصرفاته، ولكنها لا تكفي وحدها للتعليل عما يعقبها من الحوادث، وقد قال تولستوي: إن نابوليون لم يأت في معركة موسكو أمرا يجلب له الضرر أو يقلل من نجاحه، وإذا كان بدا عليه السأم ثم تولاه اليأس فذلك بعد أن تألبت عليه العناصر والبشر جميعا، وما عتم أن استرجع قواه الأولى عندما ابتعد عن روسيا، بل لم يذكر التاريخ أنه أظهر في زمن من الأزمان من النشاط والمقدرة ما أظهره في أواخر هذا العام 1812 وأوائل 1813 حيث تجلت مقدرته العقلية الخارقة بأسمى مظاهرها.
لم يحتج إلى أكثر من 4 أشهر ليعد جيشا جديدا، فسافر في 15 إبريل إلى مايانس، ومنها إلى فيمار فلوتسن، حيث انتصر في معركة 2 مايو، وبعد 6 أيام دخل درسد ظافرا، وفي 20 فاز في معركة بوتزن، وقتل من ورائه المارشال دوروك، فكان ذلك سبيلا إلى إشاعة سرت بسرعة البرق مؤداها أنه جرح جرحا بالغا أو قتل، حتى إنه عندما رجع إلى درسد (في 10 منه) زعم الناس أن الذي مر أمامهم في مركبته ليس الإمبراطور، بل تمثال له من الشمع، ولم يصدقوا ببقائه حيا إلا بعد أن أطلقت المدافع وقرعت الأجراس.
ربما ساعد على هذا الشك أن الإمبراطور عند وصوله إلى درسد سار توا إلى غرفته لأنه كان منهوك القوى من السهر ونام في سريره نوما عميقا حتى الساعة التاسعة من اليوم التالي، إذ ركب جواده واستعرض الجيش في مروج درسد، ولم يكن من السهل معرفة الحقيقة في حينها؛ لأن الإمبراطور عود الناس أن يؤمنوا بنجمه الذي لا يعرف الأفول، وبقوته التي لا يتطرق إليها الضعف، فكانوا يعتقدون أنه أبعد من أن ينال بأذى إلا أن الملتفين حوله والمتقربين إليه أدركوا ما كان يعتوره حينا بعد حين من شبه نعاس أو غيبوبة تضعف معها الإرادة وترتخي الأعصاب، وقد وصفه المارشال مارمون بقوله: «كان قليل الاهتمام بالعواقب لا يصدق الحقيقة إلا إذا وافقت هوى في نفسه، وكان متعجرفا يحتقر كل الناس، وذا عقل واسع التدبير كثير الإنتاج كعادته، إلا أنه ضعيف الإرادة كثير التردد.»
ذلك لأن الإمبراطور كان قد تقدم في العمر وتغير عما كان عليه في أوسترلنز ويانا، والأربعون جاءت شديدة الوطأة على هذا الرجل الخارق العادة الذي تسع حياته أعمارا كثيرة.
وقد كان انتصار درسد في 27 أغسطس آخر شعاع من كوكب مجده لولا اعتلال فجائي أفسد نتائجه الباهرة.
Página desconocida