El Gran Hawi de Mawardi
كتاب الحاوى الكبير الماوردى
Investigador
الشيخ علي محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٩ هـ -١٩٩٩ م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ اخْتِصَارَهُ الْمَعْنَى غَيْرُ رَاجِعٍ إِلَى لَفْظِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ إِلَى عَيْنِهِ. وَلِمَنْ قَالَ بِهَذَا فِي كَيْفِيَّتِهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ اخْتَصَرَ الْمَعْنَى بِإِيرَادِ إِحْدَى دَلَائِلِ الْمَسْأَلَةِ دُونَ جَمِيعِهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ اخْتِصَارًا لَهَا، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْحُكْمَ إِذَا ثَبَتَ لِمَعْنَيَيْنِ مِثْلَ: الْكَلْبِ الْمَيِّتِ هُوَ نَجَسٌ، لِأَنَّهُ كَلْبٌ، وَلِأَنَّهُ مَيِّتٌ، اخْتَصَرَ ذَلِكَ بِإِيرَادِ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يُعَلِّلَ الْأُصُولَ بِمَعْنًى يَجْمَعُ أُصُولًا يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ تَعْلِيلِ كُلِّ أَصْلٍ مِنْهَا، بِمَعْنًى مُفْرَدٍ. مِثْلَ قَوْلِهِ ﷺ َ -: " لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ " فَعَلَّلَ إِثْبَاتَ النِّيَّةِ فِي الصَّوْمِ بِأَنَّهُ عمل مقصود في عينه يصير التَّعْلِيلُ بِهَذَا الْمَعْنَى مُوجِبًا لِإِثْبَاتِ النِّيَّةِ فِي الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ وَلَا يَحْتَاجُ أن تختصر كُلَّ عِبَادَةٍ مِنْهَا بِمَعْنًى يُوجِبُ النِّيَّةَ فِيهَا فَيَكُونُ هَذَا اخْتِصَارًا لِلْمَعْنَى.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ: " وَمِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ " يُرِيدُ: عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ؛ فَيَكُونُ " مِنْ " بِمَعْنَى " عَلَى "، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا﴾ [الأنبياء: ٧٧] . أَيْ عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لَمَّا اخْتَصَرَ مَنْصُوصَاتِ الشَّافِعِيِّ اخْتَصَرَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ فُرُوعًا مِنْ عِنْدِهِ كَمَا فعل في الجوالة وَالضَّمَانِ وَالشَّرِكَةِ وَالشُّفْعَةِ.
فَصْلٌ
: وَأَمَّا قَوْلُهُ: " لِأُقَرِّبَهُ عَلَى مَنْ أَرَادَهُ " فَمَعْنَاهُ: لِأُسَهِّلَهُ عَلَى فَهْمِ مَنْ أَرَادَهُ، لِأَنَّ التَّقْرِيبَ يُسْتَعْمَلُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ:
إِمَّا عَلَى تَقْرِيبِ الدَّانِي مِنَ الْبَعِيدِ.
وَإِمَّا تَقْرِيبُ التَّسْهِيلِ عَلَى الْفَهْمِ، وَهَذَا مُرَادُ الْمُزَنِيِّ دُونَ الْأَوَّلِ لِأَمْرَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَقْصُودَ بِتَقْرِيبِ الْعِلْمِ إِنَّمَا هُوَ تَسْهِيلُهُ عَلَى الْفَهْمِ لَا الْأَدْنَى مِنَ الْبُعْدِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَالَ: على من أراده. وتقريب الأدنى، فقال فِيهِ: مَنْ أَرَادَهُ. فَأَمَّا الْهَاءُ الَّتِي فِي أُقَرِّبَهُ وَأَرَادَهُ، فَهُمَا كِنَايَتَانِ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِيمَا يَرْجِعَانِ إِلَيْهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
1 / 13