Hawamil y Shawamil
الهوامل والشوامل
Editor
سيد كسروي
Editorial
دار الكتب العلمية
Edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م
Ubicación del editor
بيروت / لبنان
الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه ﵀: الْحَيَاة تَابِعَة لمزاج مَا خَاص بِإِنْسَان إِنْسَان. وَذَلِكَ المزاج لَهُ بِمَنْزِلَة النقطة من الدائرة. أَعنِي أَنه شَيْء وَاحِد وَالْخُرُوج عَنهُ إِلَى النقط الَّتِي حواليه مِمَّا يقرب مِنْهُ أَو يبعد عَنهُ بِلَا نِهَايَة. وَذَلِكَ أَن لكل إِنْسَان وَبِالْجُمْلَةِ لكل حَيَوَان - اعتدالًا خَاصّا بِهِ بَين الْحَرَارَة والرطوبة والبرودة واليبوسة فَإِذا انحرف عَن ذَلِك الِاعْتِدَال إِلَى أحد الْأَطْرَاف كَانَ مَرضه أَو هَلَاكه. ثمَّ إِن الْأُمُور الَّتِي تخرجه إِلَى الْأَطْرَاف كَثِيرَة من الأغذية والأشربة والهواء الْوَاصِل إِلَيْهِ بالاشتتشاق وَغَيره وحركاته الطبيعية وَغير الطبيعية مِمَّا يُخرجهُ عَن هَذَا الِاعْتِدَال - كَثِيرَة. والآفات الْأُخْرَى الَّتِي تطرأ من خَارج مِمَّا لَا تحتسب كَثِيرَة. وَإِذا كَانَت الْأَسْبَاب الَّتِي يخرج الْإِنْسَان بهَا عَن الِاعْتِدَال كَثِيرَة بِلَا نِهَايَة والأسباب الَّتِي يثبت بهَا على الِاعْتِدَال الْخَاص بِهِ قَليلَة ويسيرة - لم يكن مَا ذكرته عجبا بل الْعجب لَو اتّفق ضِدّه. وَلَوْلَا أَن الْعِنَايَة الموكلة بِحِفْظ الْحَيَوَان كُله - وَالْإِنْسَان من بَينه - شَدِيدَة والوقاية لَهُ تَامَّة بَالِغَة فَتَأمل جَمِيع مَا ذكرته من الْآفَات الدَّاخِلَة والخارجة عَن بدن الْإِنْسَان وحركاتها الْمُخْتَلفَة أَعنِي مُنَازعَة النارية فِيهِ إِلَى حَرَكَة الْعُلُوّ ومنازعة المائية مِنْهُ إِلَى حَرَكَة السّفل ثمَّ حرص كل وَاحِد مِنْهُمَا بطبيعته على إفناء الآخر وإحالته ثمَّ المجاهدة الْوَاقِعَة فِي حفظ الِاعْتِدَال بَينهمَا حَتَّى لَا تزيد قُوَّة أَحدهمَا على الآخر مَعَ كَثْرَة الشَّهَوَات والمنازعات إِلَى مَا هُوَ لَا محَالة زَائِد فِي أَحدهمَا
1 / 275