كما روي أن رجلا بمصر اعتزل في صومعة لايخرج منها في اليوم إلا مرة وشيع عنه مريديه أنه لايطعم من شهر إلى شهر فانقلب(1) الجهال عليه، وكان هناك رجل غريب، وكانت له فراسة، فنظر في ذلك المعتزل فرأى عليه نعمة أهل الدنيا، فقال: لابد لي من خبرة في هذا الشخص، فلم يتمكن من الوقوف عنده، وكان في صومعته طاقة إلى الصحراء، فلم يزل ذلك المتفرس يتسلق وينظر من تلك الطاقة حتى علم أنه يأكل في كل يوم أكلا عظيما من خبز ولحم حنيذ وحلوى يخرجه عند دخوله من الوضوء في(2) قبقاب في رجليه يأخذ أرطالا عدة، وهو مجوف مطبق عليه، فإذا خرج للوضوء وهو في رجليه لقيه صاحبه الذي قد رباه على ذلك لذلك الطعام، فيأخذ القبقاب حينما يتوضئ فيجعل فيه ذلك الطعام، ويطبقه كما كان، ثم يشيعه عند خروجه حتى يرجع إلى صومعته، ثم ينصرف عنه ولا يراه أحد يدخل [معه](3) ولا يناوله طعاما فاجتلب قلوب العامة، والفقير هذا هو الذي يعمل(4) الطعام في القبقاب يفتري عنه الكرامات مما ليس فيه، ويقبض جميع الفتوحات التي له، حتى فضحه الله تعالى.
Página 69