والنية؛ قال الراغب: "تكون مصدرا واسما من نويت، وذكر غيره أنه يجوز فيها التشديد على أنها من نوى بمعنى قصد، فأصل نية (نوية) فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء، كما في سيد وميت، ويجوز فيها التخفيف على أنها من نوى بمعنى (بعد وأبطأ) لأن النية وسيلة لحصول المنوي مع بعده لعدم الوصول إليه بالجوارح وحركاتها الظاهرة، وأصلها نوية بكسر النون فأعل إعلال سنة" وهي لغة: القصد الذي عززه القلب، وشرعا: قصده المقترن بالفعل، أي إلا في الصوم، لقوله عليه السلام: "لا صوم لمن لم يبيت الصيام من الليل"؛ وكذلك الكفارات. وعند قومنا يجوز تقديم النية على الشروع في الفعل، ويستحب عندنا وعند الشافعية وبعض أصحاب مالك مساعدة اللسان لها خلافا للمشهور من مذهب مالك، ومحلها القلب؛ وقيل الدماغ. ورد بأن هذا لا مجال للراد فيه بل يتوقف على السمع، والأدلة السمعية دالة على الأول كقوله تعالى {ومآ أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} [البينة:5] والإخلاص إنما يكون بالقلب. <1/5> قال العلقمي في الحديث الثاني: "قال بعضهم: والنية في الحديث محمولة على المعنى اللغوي ليحسن تطبيقه على ما بعده" وتقسيمه بقوله: «فمن كانت هجرته» إلى آخره فإنه تفصيل لما أجمله واستنباط للمقصود عما أصله على أهل الإشارة.
قال بعضهم: "النية جمع الهم في تنقية العمل للمعمول له وأن لا يسنح في السر ذكر غيره، وقال بعضهم: نية العوام في طلب الأغراض مع نسيان الفعل، ونية الجهال التحصن عن سوء القضاء ونزول البلاء، ونية أهل النفاق التزين عند الله وعند الناس، ونية العلماء لحرمة ناصبها لا لحرمتها، ونية أهل التصوف ترك على ما يظهر منهم من الطاعات، ونية أهل الحقيقة في ربوبية تولدت عن عبودية". انتهى كلام الطيبي.
Página 4