Hashiyat Tartib
حاشية الترتيب لأبي ستة
قوله: »كان يغتسل من إناء هو الفرق إلى قوله هو ستة عشر رطلا« لعل المراد أنه قد يتفق له ذلك في بعض المرات، ولم يتعرض لهذا الحديث صاحب الإيضاح ولا صاحب القواعد رحمهما الله، قال في الإيضاح: "وأما أقل <1/156> ما يجزي منه فقد ذكر في بعض الكتب. قال بعض العلماء: لا يجزي في الوضوء أقل من المد، ولا في الغسل أقل من الصاع، واحتجوا بما روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد، واختلفوا في مقدار المد والصاع إلخ"، واختار أن الصاع خمسة أرطال وثلث، وأن المد رطل وثلث، ثم قال: وقال آخرون: إن عم جسده الغسل فقد أتى بما أمر به ولو بأقل من الصاع والمد في الوضوء، ودليلهم ما روي من طريق عائشة أنها قالت: "اغتسلت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم بصاع ونصف يقول: أبقي لي، وأقول: أبق لي". وهذا الحديث يدل على أن الصاع والمد ليسا بحتم في الغسل والوضوء، لأن المغتسلين من إناء واحد لا بد أن يفضل أحد منهم الآخر بشيء، ولأن الماسح يسمى غاسلا لما روي أنه اغتسل من جنابة فرأى في بدنه لمعة لم يصبها الماء فعصر جمته ثم مسحها بما قطر منها إلخ. وجزم في القواعد بالقول الثاني حيث قال: "وأما القدر الذي يغتسل به من الماء فغير محدود ولا مقدر لأنه قد يرفق بالقليل فيكفي، ويخرق بالكثير فلا يكفي، وإن كان جاء في حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد، والأصل في هذا الإنقاء والنظافة" إلخ.
قوله: »نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنب أن يغتسل في الماء الدائم« يعني إذا كان أقل من قلتين على الراجح كما سيأتي إن شاء الله في أحكام المياه جمعا بين الأحاديث.
Página 151