<1/18> وروى ابن القاسم وابن وهب عن مالك في الهز في القراءة فقال: من الناس من إذا هز كان أخف عليه، وإذا رتل أخطأ، ومن الناس من لا يحسن بهز، والناس في هذا على قدر درجاتهم وما يخف عليهم، وكل واسع، وقد روي عن جماعة من السلف أنهم كان يختمون القرآن في ركعة وهذا لا يتمكن إلا بالهز، انتهى.
أقول: ومثل هذا ما روي عن أيوب بن العباس رحمه الله أنه قرأ القرآن بالليل في ركعتين حين ذهب مع أصحابه إلى تيهرت في زمن الإمام عبد الوهاب رضي الله عنه، فعلى هذا يكون الأمر بالترتيل للندب، وروي عن بعضهم أنه قال: الترتيل هو تبين الحروف والمحافظة على الوقوف.
قوله: «ولا تغن به» مأخوذ من الغناء، بالكسر والمد وهو السماع، قال في الصحاح: "والأغنية الغناء والجمع الأغاني، تقول منه: تغنى وغنى بمعنى والغناء بالفتح النفع، والغناء بالكسر: من السماع، والغنى مقصور: اليسار، إلى آخره"، والظاهر أن المراد بالتغني به الترجيع والتطريب فيه. قال في الصحاح: "وترجيع الصوت ترديده في الحلق كقراءة أصحاب الألحان".
وقال أيضا: والتطريب في الصوت مده وتحسينه إلى آخره.
والحاصل أنه قد اختلف العلماء فيهما والأصح منعهما وكراهتهما، خلافا للشافعي وأبي حنيفة ومن وافقهما، لما روي عن زياد النميري أنه جاء مع القراء إلى النظر بن مالك فقيل له: اقرأ، فرفع صوته وطرب، وكان رفيع الصوت فكشف النظر عن وجهه وكان على وجهه خرقة سوداء فقال: ما هذا؟ ما هكذا كانوا يفعلون، وكان إذا رأى شيئا ينكره كشف الخرقة عن وجهه. وروي عن سعيد بن المسيب أنه سمع عمر بن عبد العزيز يؤم الناس فطرب في قراءته فأرسل إليه سعيد يقول: أصلحك الله إن الأئمة لا تقرأ هكذا، فترك عمر التطريب بعد.
Página 15