271

Marginalia de la Guía - Introducción

حاشية الإرشاد ـ مقدمة

Géneros

كان عالما فاضلا جليل القدر رفيع المنزلة تقيا نقيا ورعا زاهدا عابدا، حائزا لصفات الكمال، متفردا منها بما لا يشاركه فيه غيره، مفخرة من مفاخر الكون وحسنة من حسنات الزمان. كان فقيها ماهرا في الدرجة العليا بين الفقهاء. والفقه أظهر وأشهر فنونه، وكتبه فيه. مدار التدريس من عصره حتى اليوم، ومحط أنظار المؤلفين والمصنفين، ومرجع العلماء والمجتهدين.

وما ظنك برجل يؤلف مؤلفاته الجليلة الخالدة على مرور الدهور والأعوام في حالة الخوف على دمه، لا يشغله ذلك عنها مع ما تقتضيه هذه الحالة من توزع الفكر واشتغال البال من التفكير بمسألة من مسائل العلم يؤلفها بين جدران البيوت المتواضعة وحيطان الكروم، لا في قصور شاهقة ورياض ناضرة، ولا مساعد له ولا معين حتى على تدبير معاشه.

وما ظنك برجل من أعظم العلماء وأكابر الفقهاء يحرس الكرم ليلا ويطالع الدروس، وفي الصباح يلقي الدروس على الطلبة- وكرمه الذي كان له في جبع معروف محلة إلى الآن- ويحتطب لعياله ليلا. ويباشر بناء داره ومسجده الذي هو جنبها في قرية جبع- وقد رأيتهما- وداره مفتوحة للضيوف والواردين وغيرهم يخدمهم بنفسه، ويباشر أمور بيته ومعاشه. ولا يدع لحظة تمضي من عمره في غير اكتساب فضيلة وإفادة مستفيد. (1).

وقال في وصفه تلميذه ابن العودي:.

ولقد كان مع علو همته وسمو منزلته على غاية من التواضع ولين الجانب، ويبذل جهده مع كل وارد في تحصيل ما يبتغيه من المطالب. إذا اجتمع بالأصحاب عد نفسه كواحد منهم، ولم تمل نفسه إلى التمييز بشيء عنهم.

ولقد شاهدت منه سنة ورودي إلى خدمته أنه كان ينقل الحطب على حمار في الليل لعياله، ويصلي الصبح في المسجد، ويشتغل بالتدريس بقية نهاره.

وكان يصلي العشاء جماعة، ويذهب لحفظ الكرم، ويصلي الصبح في

Página 296