Hāshiyah al-ʿAdawī ʿalá Kifāyah aṭ-Ṭālib ar-Rabbānī

Ali al-Saidi al-Adawi d. 1189 AH
66

Hāshiyah al-ʿAdawī ʿalá Kifāyah aṭ-Ṭālib ar-Rabbānī

حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني

Investigador

يوسف الشيخ محمد البقاعي

Editorial

دار الفكر

Número de edición

الأولى

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

Fiqh Maliki
أَيْ أَلَا يَعْلَمُ اللَّهُ مَنْ خَلَقَ وَمَنْ لَمْ يَعْقِلْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ عِبَادَهُ دُونَ أَفْعَالِهِمْ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ، وَاللَّطِيفُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى يُطْلَقُ بِإِزَاءِ مَعَانٍ بِمَعْنَى الْعَلِيمِ بِخَفِيَّاتِ الْأُمُورِ وَغَوَامِضِهَا وَمُشْكِلَاتِهَا، وَبِمَعْنَى الرَّحِيمِ وَبِمَعْنَى فَاعِلِ اللُّطْفِ. وَقَوْلُهُ: (وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ فَيَخْذُلُهُ بِعَدْلِهِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَيُوَفِّقُهُ بِفَضْلِهِ) دَلِيلٌ عَلَى قَوْلِهِ: لَا يَكُونُ مِنْ عِبَادِهِ إلَخْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْهِدَايَةَ وَالتَّوْفِيقَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ خَلْقُ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَالضَّلَالُ وَالْخِذْلَانُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ضِدُّ ذَلِكَ، وَالْعَدْلُ تَصَرُّفُ الْمَالِكِ فِي مُلْكِهِ وَالْفَضْلُ إعْطَاءُ عَطِيَّةٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ: يَضِلُّ إلَخْ فَقَالَ: ــ [حاشية العدوي] وَاحِدٌ إذْ الْمُرَادُ بِالْخَلْقِ الْمَخْلُوقُ [قَوْلُهُ: وَالْخَلْقُ عَامٌّ] أَيْ وَكَذَا الْمَخْلُوقُ عَامٌّ. [قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا يَعْقِلُ] أَيْ كَأَفْعَالِنَا الِاخْتِيَارِيَّةِ. وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الذَّوَاتَ وَصِفَاتِهَا مِنْ بَيَاضٍ وَسَوَادٍ وَقُدْرَةٍ وَإِرَادَةٍ وَغَيْرِهَا، وَالْأَفْعَالَ الِاضْطِرَارِيَّةَ مَخْلُوقَةٌ لِلْمَوْلَى ﷿ بِاتِّفَاقٍ، وَالْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُعْتَزِلَةُ فِي الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، فَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّهَا مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ ﷿ وَهُمْ يَقُولُونَ: إنَّهَا مَخْلُوقَةٌ لِلْعَبْدِ. [قَوْلُهُ: مَنْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ] أَيْ فَيَكُونُ الْفَاعِلُ مَحْذُوفًا وَاعْتُرِضَ تت هَذَا الْإِعْرَابُ بِقَوْلِهِ: وَفِي هَذَا الْإِعْرَابِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِمَا لَا لِمَنْ إذْ قَبْلَهُ، وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوْ اجْهَرُوا بِهِ إنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ فَهِيَ عَلَى هَذَا وَاقِعَةٌ عَلَى مَا تُكِنُّهُ الصُّدُورُ فَالْوَاجِبُ مَا اهـ. وَمَقْصُودُهُمَا كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ دُونَ أَفْعَالِهِمْ الَّذِي هُوَ مَحَطُّ الْفَائِدَةِ، أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ فِعْلَ عَبْدِهِ، وَخَلْقُ الْجَمَادِ شَيْءٌ آخَرُ فَلَا يَرِدُ مَا يُقَالُ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هَذَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْمَوْلَى لَا يَخْلُقُ إلَّا مَنْ يَعْقِلُ فَقَطْ، وَأَمَّا الْجَمَادَاتُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ لَا يَقُولُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ إيَّاهَا مَعَ أَنَّهُمْ يُوَافِقُونَا، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا نَسَبَهُ لِلْمُعْتَزِلَةِ مَنْ أَنَّ الْمَوْلَى لَا يَعْلَمُ أَفْعَالَ الْعِبَادِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْمُعْتَزِلَةِ الْأُولَى الَّذِينَ يُنْكِرُونَ تَعَلُّقَ عِلْمِ الْبَارِي بِالْأَشْيَاءِ قَبْلَ وُقُوعِهَا، وَإِنَّمَا يَعْلَمُهَا بَعْدَ وُقُوعِهَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ: وَقَدْ انْقَرَضَ هَذَا الْمَذْهَبُ، وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ الْآنَ كَمَا قَالَ بَعْضٌ فَهُمْ مُطْبِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ قَبْلَ وُقُوعِهَا، وَإِنَّمَا خَالَفُوا السَّلَفَ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ الِاخْتِيَارِيَّةَ مَقْدُورَةٌ وَوَاقِعَةٌ مِنْهُمْ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِقْلَالِ فَتَدَبَّرْ. [قَوْلُهُ: بِإِزَاءِ مَعَانٍ] أَيْ فِي مُقَابَلَةِ مَعَانٍ [قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْعَلِيمِ] فَهُوَ بِمَعْنَى الْأَسْمَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى صِفَاتِ الذَّاتِ. [قَوْلُهُ: وَغَوَامِضُهَا] عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ، وَقَوْلُهُ وَمُشْكِلَاتُهَا مُرَادِفٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْخَفَاءَ وَالْغُمُوضَ وَالْإِشْكَالَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لَنَا وَإِلَّا فَالْكُلُّ عِنْدَ اللَّهِ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ. [قَوْلُهُ: وَبِمَعْنَى الرَّحِيمِ] إنْ فُسِّرَ بِالْمُنْعِمِ بِدَقَائِق النِّعَمِ كَانَ دَالًّا عَلَى صِفَةِ الْفِعْلِ، وَإِنْ فُسِّرَ بِمُرِيدِ الْإِنْعَامِ فَهُوَ دَالٌّ عَلَى صِفَةِ ذَاتٍ. [قَوْلُهُ: وَبِمَعْنَى فَاعِلِ اللُّطْفِ] أَيْ فَفَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ فَهُوَ دَالٌّ عَلَى صِفَةِ الْفِعْلِ عَلَى هَذَا. [قَوْلُهُ: اللُّطْفُ] أَيْ الْإِحْسَانُ، وَهَذَا الْمَعْنَى أَعَمُّ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ، وَالْمُرَادُ بِالْإِحْسَانِ مَا يُنْعِمُ بِهِ عَلَى الْعَبْدِ إذْ هُوَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْإِعْطَاءُ لَا نَفْسُ الْإِعْطَاءِ الَّذِي هُوَ مَعْنًى حَقِيقِيٌّ لَهُ. [قَوْلُهُ: يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ] أَيْ مَنْ يَشَاءُ ضَلَالَهُ. وَقَوْلُهُ: فَيَخْذُلُهُ مُرَادِفٌ لِقَوْلِهِ: يُضِلُّ، فَأَتَى بِهِ تَثْبِيتًا وَتَقْرِيرًا لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَأَتَى بِالثَّانِي عَلَى وَفْقِهِ لِيَتَنَاسَقَ الْكَلَامُ، وَغَايَرَ فِي التَّعْبِيرِ دَفْعًا لِلثِّقَلِ الْحَاصِلِ بِالتَّكْرَارِ اللَّفْظِيِّ. [قَوْلُهُ: دَلِيلًا إلَخْ] لَا مَعْنَى لِتِلْكَ الدَّلَالَةِ إذْ هَذِهِ كُلُّهَا جُمَلٌ أَتَى بِهَا الْمُصَنِّفُ مُجَرَّدَةً عَنْ الْأَدِلَّةِ لِيُعْتَقَدَ مَدْلُولُهَا، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْقَصْدَ أَنَّ ذَلِكَ لَمَّا جَاءَ الْقُرْآنُ بِهِ كَانَ دَلِيلًا لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَقْصُودًا لِلْمُصَنِّفِ فَتَدَبَّرْ. [قَوْلُهُ: خَلْقُ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّاعَةِ] أَرَادَ بِالْقُدْرَةِ الْعَرَضَ الْمُقَارِنَ لِلْفِعْلِ، وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ أَنَّهَا خَلْقُ الطَّاعَةِ؛ لِأَنَّ التَّوْفِيقَ مَا بِهِ الْوِفَاقُ وَهُوَ بِخَلْقِ الطَّاعَةِ لَا بِالْقُدْرَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُقَارِنَةً فَإِنْ قُلْت: أَلْ فِي الطَّاعَةِ لِلْجِنْسِ أَوْ الِاسْتِغْرَاقِ قُلْت: لِلِاسْتِغْرَاقِ أَيْ خَلْقُ الْقُدْرَةَ عَلَى جَمِيعِ الطَّاعَاتِ بِحَيْثُ لَا تَقَعُ مِنْهُ مَعْصِيَةٌ أَصْلًا فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّقَانِيُّ: فَالْمُوَفَّقُ لَا يَعْصِي أَيْ لَا يَقَعُ مِنْهُ مَعْصِيَةٌ أَصْلًا. [قَوْلُهُ: ضِدُّ ذَلِكَ] وَهُوَ خَلْقُ

1 / 68