207

Hāshiyah al-ʿAdawī ʿalá Kifāyah aṭ-Ṭālib ar-Rabbānī

حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني

Editor

يوسف الشيخ محمد البقاعي

Editorial

دار الفكر

Edición

الأولى

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

Fiqh Maliki
وَسْوَسَةِ النَّفْسِ، فَثَبَتَ بِهَذَا وُجُوبُ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ (فَإِنَّ تَمَامَ) أَيْ صِحَّةَ (كُلِّ عَمَلٍ) مِمَّا النِّيَّةُ شَرْطٌ فِيهِ (بِحُسْنِ النِّيَّةِ) أَيْ بِمُوَافَقَةِ السُّنَّةِ (فِيهِ) وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى صِفَةِ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى انْتَقَلَ يُبَيِّنُ صِفَةَ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ.
ــ
[حاشية العدوي]
لَا يَشُكُّ فِيهِ بَعْدَ صُدُورِهِ مِنْهُ أَيْ لَا يَقُولُ هَلْ حَصَلَ مِنِّي رَجَاءٌ أَوْ لَا، بَلْ يَجْزِمُ بِأَنَّهُ حَصَلَ مِنْهُ رَجَاءٌ سَابِقًا، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنْ يَكُونَ الرَّجَاءُ مُتَعَلِّقًا بِالْوُضُوءِ أَيْ قَائِمًا بِهِ وَقْتَ فِعْلِهِ بِدَلِيلِ التَّعْبِيرِ بِالْمُضَارِعِ لَا أَنَّهُ حَصَلَ ثُمَّ يَسْتَمِرُّ مُسْتَحْضِرًا لِهَذَا الَّذِي حَصَلَ وَانْقَضَى أَمْرُهُ بِحَيْثُ يَكُونُ الْقَائِمُ بِهِ عَلِمَهُ لَا هُوَ.
وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَلِأَنَّهُ لَا مَعْنَى أَيْضًا لِكَوْنِهِ يَتَيَقَّنُ أَنَّ التَّقَبُّلَ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ رَجَاؤُهُ الَّذِي هُوَ فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِهِ الِاخْتِيَارِيَّةِ الَّذِي لَا يَقُومُ بِهِ إلَّا بِقَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ.
وَأَمَّا الرَّابِعُ: فَلِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ جَعَلَ التَّقَبُّلَ مَرْجُوًّا فَلَا يَكُونُ مُتَيَقَّنًا، وَأَيْضًا فَالْأَدَبُ فِي رَجَاءِ الْقَبُولِ لَا تَيَقُّنِهِ فَإِنْ قُلْت: يُعَارِضُ ذَلِكَ اُدْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الرَّجَاءُ لَا حَقِيقَةُ الْيَقِينِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْيَقِينِ مُبَالَغَةً فِي قُوَّةِ الرَّجَاءِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: أَيْ وَيَتَحَفَّظُ إلَخْ] شُرُوعٌ فِي تَفْسِيرِ تَحَفُّظٍ، وَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ كَلَامَ الْأَقْفَهْسِيِّ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَحَفَّظَ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْأَقْفَهْسِيِّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّفْسِيرِ؛ لِأَنَّ مَادَّةَ التَّحَفُّظِ ظَاهِرَةٌ فِي الْمَقَامِ بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ: عَنْ النَّقْصِ، إذْ مَادَّةُ التَّحَفُّظِ ظَاهِرَةٌ فِيهِ. [قَوْلُهُ: وَلِدَفْعِ إلَخْ] الْأَوْلَى حَذْفُ وَلِدَفْعِ وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى النَّقْصِ، وَالتَّقْدِيرُ وَتَحَفَّظَ عَنْ النَّقْصِ وَوَسْوَسَتِهِ [قَوْلُهُ: فَثَبَتَ بِهَذَا وُجُوبُ النِّيَّةِ إلَخْ] دُخُولٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَقَوْلُهُ: بِهَذَا أَيْ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ فُسِّرَ بِمَا تَقَدَّمَ لَهُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَازِمَةٌ لَهُ أَوْ فُسِّرَ بِالنِّيَّةِ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي وُجُوبِهَا. [قَوْلُهُ: فَإِنَّ تَمَامَ إلَخْ] تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: فَثَبَتَ بِهَذَا وُجُوبُ النِّيَّةِ عَلَى حَلِّهِ الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا إذَا نَظَرْت لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَجِدُ قَوْلَهُ: فَإِنَّ تَمَامَ إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: فَيَعْمَلُ عَلَى يَقِينٍ إلَخْ.
أَيْ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِحُسْنِهَا اشْتِمَالَهَا أَيْ اقْتِرَانَهَا بِالْخُضُوعِ وَالتَّحَفُّظِ عَنْ الْوَسْوَسَةِ [قَوْلُهُ: أَيْ صِحَّةَ] أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّمَامِ الْكَمَالَ. [قَوْلُهُ: النِّيَّةُ شَرْطٌ فِيهِ] أَيْ أَنَّ النِّيَّةَ لَا بُدَّ مِنْهَا فِيهِ، فَأَرَادَ بِالشَّرْطِيَّةِ ذَلِكَ الْمَعْنَى، فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْوُضُوءِ، فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَعْنَى النِّيَّةُ وَاجِبَةٌ فِيهِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا التَّعْلِيلِ مِنْ التَّهَافُتِ فَإِنَّهُ فِي مَقَامِ إثْبَاتِ الْوُجُوبِ فَلَا يَصِحُّ إثْبَاتُهُ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلْعِلْمِ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إثْبَاتِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ. [قَوْلُهُ: أَيْ بِمُوَافَقَةِ السُّنَّةِ] تَفْسِيرٌ لِحُسْنِ النِّيَّةِ أَيْ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ النِّيَّةُ حَسَنَةٌ أَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِلسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ.
أَقُولُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْغَرَضَ إثْبَاتُ أَصْلِ النِّيَّةِ لَا حُسْنُهَا أَيْ مُوَافَقَتُهَا لِلسُّنَّةِ كَمَا هُوَ مُفَادُ كَلَامِهِ، فَالتَّعْلِيلُ فَاسِدٌ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ أَيْضًا، وَحَاصِلُ مَا قُلْنَاهُ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مَخْدُوشٌ مِنْ وَجْهَيْنِ.
[قَوْلُهُ: صِفَةِ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى] أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا جَوَازَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ إلَخْ.
وَهِيَ نَاشِئَةٌ عَنْ الْوُضُوءِ لَا أَنَّهَا الْوُضُوءُ، فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ عَلَى صِفَةِ سَبَبِ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى الَّتِي هِيَ الْوُضُوءُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى.

1 / 209