Hashiyat al-‘Attar ‘ala Jam‘ al-Jawami‘
حاشية العطار على جمع الجوامع
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
بدون طبعة وبدون تاريخ
Géneros
Usul al-Fiqh
لِأَنَّ النَّبِيَّ مَرْفُوعُ الرُّتْبَةِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْخَلْقِ.
وَمُحَمَّدٌ عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ مَفْعُولِ الْمُضَعَّفِ سُمِّيَ بِهِ نَبِيُّنَا بِإِلْهَامٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى تَفَاؤُلًا بِأَنَّهُ يَكْثُرُ حَمْدُ الْخَلْقِ لَهُ لِكَثْرَةِ خِصَالِهِ الْجَمِيلَةِ كَمَا رُوِيَ فِي السِّيَرِ أَنَّهُ قِيلَ لِجَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقَدْ سَمَّاهُ فِي سَابِعِ وِلَادَتِهِ لِمَوْتِ أَبِيهِ قَبْلَهَا لِمَ سَمَّيْتَ ابْنَك مُحَمَّدًا وَلَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ آبَائِك وَلَا قَوْمِك قَالَ رَجَوْتُ أَنْ يُحْمَدَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ رَجَاءَهُ كَمَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ تَعَالَى (هَادِي الْأُمَّةِ) أَيْ دَالُّهَا بِلُطْفٍ (لِرَشَادِهَا) يَعْنِي لِدِينِ الْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ تَمَكُّنُهُ فِي الْوُصُولِ بِهِ إلَى الرَّشَادِ وَهُوَ ضِدُّ الْغَيِّ كَأَنَّهُ نَفْسُهُ وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢] أَيْ دِينِ الْإِسْلَامِ.
ــ
[حاشية العطار]
عَلَى مَنْ فَسَّرَهُ بِالرِّفْعَةِ بِأَنَّ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْقَامُوسُ وَغَيْرُهُ أَنَّ النَّبْوَةَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ اهـ.
وَأَقُولُ لَا وُرُودَ لِهَذَا السُّؤَالِ أَصْلًا فَإِنَّ تَفْسِيرَ الْمَذْكُورِ وَقَعَ فِي كَلَامِهِمْ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ وَقَدْ قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ إنَّ اسْتِعْمَالَ الثِّقَاتِ الْأَلْفَاظَ فِي الْمَعَانِي يُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ نَقْلِهِمْ وَرِوَايَتِهِمْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْخَلْقِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ مُطْلَقًا وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَنْبِيَاءِ فَقَدْ يَكُونُ مَرْفُوعَ الرُّتْبَةِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْهُمْ أَيْضًا نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ ﷺ وَقَدْ يَكُونُ مَرْفُوعَ الرُّتْبَةِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْهُمْ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: هَادِي الْأُمَّةِ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ مُحَمَّدٍ لَا صِفَةٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْكَشَّافِ الْهِدَايَةُ تَتَعَدَّى بِنَفْسِهَا وَبِإِلَى وَبِاللَّامِ وَمَعْنَاهَا عَلَى الْأَوَّلِ الْإِيصَالُ، وَعَلَى الثَّانِي إرَادَةُ الطَّرِيقِ، قَالَ أَبُو الْفَتْحِ فِي حَاشِيَةِ الشَّرْحِ الْجَلَالِيِّ عَلَى التَّهْذِيبِ وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ الْهُدَى بِمَعْنَى الْهِدَايَةِ تَتَعَدَّى إلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي لَفْظًا أَوْ تَقْرِيرًا لِنَفْسِهِ أَوْ بِحَرْفِ الْجَرِّ إلَى وَاللَّامِ وَمَعْنَى الْمُتَعَدِّي بِنَفْسِهِ الدَّلَالَةُ الْمُوصِلَةُ إلَى الْمَطْلُوبِ وَلِذَا يُسْنَدُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى خَاصَّةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت: ٦٩] وَمَعْنَى الْمُتَعَدِّي بِحَرْفِ الْجَرِّ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا يُوصِلُ إلَى الْمَطْلُوبِ فَيُسْنَدُ تَارَةً إلَى النَّبِيِّ ﷺ كَقَوْلِهِ لَهُ تَعَالَى ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢] وَتَارَةً إلَى الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: ٩] وَالتَّقْدِيرُ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ﴾ [فصلت: ١٧] الْآيَةَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ إلَى الْحَقِّ أَوْ لِلْحَقِّ فَمَعْنَاهُ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا يُوصِلُ إلَى الْمَطْلُوبِ وَفِي قَوْله تَعَالَى ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [القصص: ٥٦] إنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ إلَى الْحَقِّ فَمَعْنَاهُ الدَّلَالَةُ الْمُوصِلَةُ إلَى الْمَطْلُوبِ فَلَا نَقْضَ بِهِمَا.
(قَوْلُهُ: بِلُطْفٍ) قَيْدٌ فِي مَعْنَى الْهِدَايَةِ فَقَدْ فَسَّرَهَا الرَّاغِبُ بِالدَّلَالَةِ بِلُطْفٍ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى ﴿فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٢٣] فَهُوَ التَّهَكُّمُ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: يَعْنِي لِدِينِ الْإِسْلَامِ) أَيْ فَقَدْ أَطْلَقَ الرَّشَادَ وَأَرَادَ بِهِ دِينَ الْإِسْلَامِ إطْلَاقًا لِلْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ؛ لِأَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ طَرِيقٌ مُوصِلٌ لِلرَّشَادِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ الَّذِي هُوَ إلَخْ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لِتَمَكُّنِهِ وَبِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ نَفْسُهُ لِبَيَانِ قُوَّةِ السَّبَبِ وَشِدَّةِ الْعَلَاقَةِ هُنَا وَإِنْ كَانَ يَكْفِ فِي التَّجَوُّزِ مُطَلَّقُ السَّبَبِيَّةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قُوَّةِ السَّبَبِ وَالرَّشَادُ الِاهْتِدَاءُ إلَى الْمَطْلُوبِ وَالْغَيُّ الضَّلَالُ عَنْهُ فَهُمَا وُجُودِيَّانِ فَلِهَذَا قَالَ وَهُوَ ضِدُّ الْغَيِّ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ الْوَصْفُ الْمَذْكُورُ أَيْ الْهِدَايَةُ إلَى الرَّشَادِ بِمَعْنَى دِينِ الْإِسْلَامِ مَأْخُوذٌ أَيْ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢] أَيْ إلَى دِينِ الْإِسْلَامِ إذْ لَا شَكَّ فِي أَنَّ الْآيَةَ سَبَبُ الْوَصْفِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى تَفْسِيرِ الرَّشَادِ فِيهِ بِمَا فَسَّرَ بِهِ الشَّارِحُ وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا الْأَخْذِ أَنَّ
1 / 22