Comentario sobre el Tafsir al-Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Géneros
لأنه تعالى كذب المنافقين في قولهم: إنك لرسول الله لما لم يعتقدوا مطابقته. ورد بصرف التكذيب إلى قولهم يشهد لأن الشهادة إخبار عما علمه وهم ما كانوا عالمين به.
فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة لما بين لهم ما يتعرفون به أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به وميز لهم الحق من الباطل أيضا ببيان أنه لو كفى ذلك في الصدق لكان قول المنافقين: إنك لرسول الله صادقا وقد سجل الله تعالى أنهم لكاذبون فيه، ورد هذا الاستدلال بأن هذه الآية لا تنفي مذهب الجمهور وهو كون مطابقة الواقع كافية في الصدق، وإنما تفيد أن لو كان التكذيب راجعا إلى المشهود به وهو قولهم: إنك لرسول الله وليس كذلك بل هو راجع إلى قولهم فإن المراد به إن كان إنشاء الشهادة فلا يصح توصيف قائله لا بالصدق ولا بالكذب إلا أنه يتضمن إخبارا كاذبا وهو الإخبار بأن شهادتنا هذه صادرة عن صميم القلب وخلوص الاعتقاد. ويدل عليه إيرادهم القضية المشهود بها على صورة الجملة الإسمية المؤكدة «بإن» واللام ومعلوم أن هذا الخبر الضمني كاذب عند الجمهور لعدم مطابقته للواقع لأنه تقول محض يقولونه بأفواههم وقلوبهم خالية عن الاعتقاد بمدلوله، ولو سلم رجوعه إلى المشهود به فلا نسلم أن يكون المعنى أنهم لكاذبون فيه في نفس الأمر حتى يلزم أن لا تكون مطابقة الواقع كافية في الصدق. بل المعنى أنهم لكاذبون فيه في زعمهم الفاسد واعتقادهم الباطل لأنهم يزعمون أنه غير مطابق للواقع وهو صادق في نفس الأمر، وعلى التقادير لا دلالة في الآية على خلاف مذهب الجمهور.
قوله: (لما بين لهم ما يتعرفون به أمر الرسول) أي ما يتطلبون به معرفة صدقه في دعوى الرسالة إلى كافة الناس ومعرفة أمر القرآن الذي جاء به أي معرفة كونه كلام الله تعالى منزلا من عنده معجزا للخلق عن معارضته وإتيان مثله فلا يتوهم أن يتقوله أحد من عند نفسه. وفي الصحاح: تعرفت ما عند زيد أي تطلبته حتى عرفته. والمراد بما يتطلبون به المعرفة ما أشير إليه بقوله تعالى: وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وهو أن يجربوا أنفسهم ويمتحنوا مبلغ طاقتهم في نظم الكلام البليغ المنبىء عن المعارف المتعلقة باستكمال النفس بحسب القوة النظرية والعلمية ويبذلوا في ذلك وسعهم في الإتيان بمثل سورة مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قوة ما يدعوهم إلى إبطال أمره من شدة عدواتهم له كما يدل عليها بذل النفوس والأموال في إضراره عليه الصلاة والسلام. وقوله:
«وما جاء به» في موضع الجر بالعطف على لفظ الرسول، والمراد بأمر الرسول صدقه في دعوى الرسالة وبأمر ما جاء به وهو القرآن كونه منزلا من الله خارجا عن مقدور البشر.
قوله: (وميز لهم الحق) وهو ما عليه المؤمنون في حق الرسول والقرآن والباطل ما زعمه
Página 404