Comentario sobre el Tafsir al-Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Géneros
وأبصارهم مع قيام ما يقتضيه والتنبيه على أن تأثير الأسباب في مسبباتها مشروط بمشيئة الله تعالى وأن وجودها مرتبط بأسبابها واقع بقدرته وقوله.
إن الله على كل شيء قدير (20) كالتصريح به والتقدير له والشيء يختص بالموجود لأنه في الأصل مصدر شاء أطلق بمعنى شائي تارة وحينئذ يتناول الباري تعالى مع قيام السبب المقتضي وهو الرعد القاصف والبرق الخاطف، والثاني التنبيه على أمرين:
الأول الإشارة إلى أن تأثير الأسباب في مسبباتها مشروط بمشيئة الله تعالى. ووجه التنبيه عليه أن الآية دلت على تحقق أسباب ذهاب سمعهم وأبصارهم ومع ذلك تخلف الذهاب لفقدان شرط تأثيرها وهو تعلق المشيئة به وإذا تحقق أن تأثير الأسباب في هذه المادة مشروط بمشيئة الله تعالى تحقق أن الأمر كذلك في سائر المواد للاشتراك في العلة، والثاني أن وجود المسببات حال كون ذلك الوجود مرتبطا بأسبابها العادية واقع بقدرته تعالى. ووجه كون هذه الشرطية منبهة على هذا المعنى أنه قد ثبت كونها منبهة على أن وجود المسببات واقع بمشيئته تعالى فيكون واقعا بقدرته تعالى أيضا وذلك لأن المشيئة مرادفة للإرادة وهي صفة شأنها ترجيح أحد المقدورين من الفعل والترك على الآخر ويفرق بينها وبين القدرة بأن نسبة القدرة إلى الطرفين على السواء بخلاف نسبة المشيئة إليهما، وأن المشيئة مسبوقة بالقدرة. وإذ قد تبين أن وجود المسببات مشروط بالمشيئة فقد تبين أيضا أنه واقع بالقدرة السابقة على المشيئة ضرورة أن الواقع بالمسبوق واقع بما هو سابق عليه.
قوله: (كالتصريح به) أي بما نبه عليه بالشرطية من أن وجود المسببات واقع بقدرته وذلك لأن قوله تعالى: إن الله على كل شيء قدير كالتأكيد لما قبله فلذلك لم يعطف عليه وإنما قال كالتصريح به، ولم يقل تصريح لأن ما دلت الشرطية عليه إنما هو أن ذهاب سمعهم وأبصارهم لكونه مشروطا بمشيئة الله تعالى واقع بقدرته السابقة عليها فهي ليست صريحة في أن ذهابهما واقع بقدرته تعالى بل إنما علم وقوعه بقدرة الله تعالى بناء على كون مدلول الشرطية مستلزما لوقوعه بها، بخلاف هذه الآية فإنها تصريح بأن جميع الأشياء واقع بقدرته تعالى فهي كالتصريح بما تضمنته الآية الأولى. قوله: (والشيء يختص بالموجود) يعني أن لفظ الشيء عند الأشاعرة يطلق على الموجود فقط فكل شيء عندهم موجود وكل موجود شيء، فالمشيئة عندهم تساوق الوجود وتساويه. وأما كونهما مترادفين بأن يتحد مفهومهما فهم مترددون في ذلك بل ربما يدعون نفيه بناء على أن قولنا: السواد موجود يفيد فائدة يعتد بها بخلاف قولنا: السواد شيء فلذلك قال: «أنه يختص بالموجود» ولم يقل يرادف الموجود. ومن فسر الشيء بما يصح أن يعلم ويخبر عنه من المعتزلة يجوز إطلاقه
Página 349