334

Comentario sobre el Tafsir al-Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Géneros

وأغفر عوراء الكريم ادخاره

والموت زوال الحياة وقيل عرض يضادها، لقوله: خلق الموت والحياة [الملك: 2] ورد بأن الخلق بمعنى التقدير والإعدام مقدرة. والله محيط بالكافرين (19) لا يفوتونه كما لا يفوت المحاط به المحيط لا يخلصهم الخداع والحيل، «من الصواعق» وكل واحد منهما باعث مقدم على الفعل لا غرض مؤخر عنه ولما كان كون المفعول له معرفة قليلا نادرا شبه بقول حاتم الطائي:

(وأغفر عوراء الكريم ادخاره)

أي قوله مغفور لصداقته وادخاري إياه ليوم احتياجي إليه لأن الكريم إذا فرط منه قول قبيح في حق أحد ندم عليه ومنعه كرمه من أن يعود إلى مثله، وأنا أعرض عن اللئيم تكرما عن المقابلة معه لأنه ليس بكفؤ لي. قوله: (والموت زوال الحياة) أي زوالها عما من شأنه أن يكون حيا فيكون بينهما تقابل العدم والملكة. وقيل: إنه صفة وجودية كالحياة فيكون بينهما تضاد فإن الضدين أمران وجوديان يتعاقبان على موضع واحد بينهما غاية الخلاف. واستدل على كون الموت أمرا وجوديا بقوله سبحانه وتعالى: خلق الموت [الملك: 2] فإن الخلق هو الإيجاد والإيجاد لا يتعلق بالأمر العدمي. وأجيب بأن المراد من الخلق هو التقدير والأمور كلها وجودية كانت أو عدمية مقدرة في الأزل فلا يتم الاستدلال، وبأن المراد بخلق الموت إحداث اتصاف الحي به بعد ما لم يكن وذلك لا يقتضي كون الصفة أمرا وجوديا كما قالوا: إن الماهيات غير معقولة والوجود من المعقولات الثابتة وأثر الفاعل إنما هو اتصاف الماهية بالوجود. وقيل: إعدام الملكات مخلوقة لما لها من شائبة التحقق. وقيل: إن الخلق إن جعل بمعنى الإيجاد لا يتصور في إعدام الملكات إذ شائبة التحقق لا تكفي في حقيقة الإيجاد، وإن جعل بمعنى الإحداث يتصور فيها لأنه أعم من الإيجاد.

قوله: (لا يفوتونه كما لا يفوت المحاط به المحيط) لما استحال كونه سبحانه وتعالى محيطا بالكافرين حقيقة بأن يحصرهم من جميع جوانبهم وأطرافهم كما يحصر الحائط البستان جعل لفظ «المحيط» استعارة تبعية سارية إلى الصفة المشتقة من مصدرها بأن شبه شمول قدرة الله سبحانه وتعالى إياهم ونفاذ مشيته فيهم بحيث يتصرف فيهم كيف يشاء لا يتأبون عن مطاوعة قدرته وإرادته بوجه ما أصلا بإحاطة المحيط. والضمير المجرور في قوله: «المحاط به» راجع إلى اللام في «المحاط» و «به» مرفوع المحل على أنه قائم مقام الفاعل للمحاط ولا ضمير في المحاط لأنه إنما عدي إلى المفعول بواسطة حرف الجر أي كما لا يفوت

Página 340