Comentario sobre el Tafsir al-Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Géneros
فإنه لو قال: المريخ كمنصرف من الدعوة لم يكن شيئا وقد يكون بحيث لا يمكن أن يشبه كل جزء من أجزاء أحد الطرفين بما يقابله من الطرف الآخر إلا بعد تكلف وتعسف كما في قوله سبحانه وتعالى: مثلهم كمثل الذي استوقد نارا الخ وقوله سبحانه وتعالى: أو كصيب من السماء [البقرة: 19] فإن الصحيح أن التشبيه المعتبر فيهما من التشبيهات المركبة التي لا تكلف لواحد واحد بشيء يقدر تشبيهه به وهو القول الفحل وهو المختار وإن جعلتهما من قبيل التشبيهات المفرقة تحتاج إلى تكلف مستغنى عنه وهو أن يقال في الأول: شبه المنافق بالمستوقد نارا وانتفاعه بإظهار الإيمان بإضاءة النار حول المستوقد وانقطاع انتفاعه به بانطفاء النار. وفي الثاني شبه دين الإسلام بالصيب وما يتعلق به من شبه الكفار بالظلمات وما فيه من الوعد والوعيد بالرعد والبرق وما يصيب الكفرة من الإفزاع والبلايا والفتن من جهة أهل الإسلام بالصواعق. ثم إن المصنف رحمه الله لما شبه انقطاع انتفاع المنافق بما أظهره من الإيمان بإطفاء الله سبحانه وتعالى نار المستوقد وإذهاب أثره جعل سبب ذلك الانقطاع مجموع أمرين: الأول إهلاكهم فإنهم وإن انتفعوا بما أظهروه من الإيمان مدة حياتهم القليلة إلا أنه سبحانه وتعالى لما أهلكهم أذهب أثر إيمانهم بالكلية فبقوا متحيرين متحسرين على ما فات منهم أبدا معذبين في الدرك الأسفل من النار خالدين فيها، والثاني إفشاء حالهم وما أبطنوه من نفاقهم فإنهم وإن انتفعوا بإظهار الإيمان مدة قليلة من حياتهم إلا أنه سبحانه وتعالى أفشى حالهم وأظهر أسرارهم بعدها فوقعوا في ظلمات انكشاف الأسرار والافتضاح بين المؤمنين والاتسام بسمة النفاق فحرموا بذلك مما قصدوه بإظهار الإيمان. فإن قيل: كيف قال المصنف رحمه الله: «من حيث إن إيمان المنافقين يعود إليهم بحقن الدماء وسلامة الأولاد والأموال» مع أن إظهارهم الإيمان لكونهم من أهل الذمة قبل ذلك لم يفد إظهاره الحقن والسلامة فكيف شبه إظهاره بإيقاد النار للاستضاءة بها؟ قلنا: الكفر من حيث إنه كفر ينافي عصمة الدماء والأولاد والأموال والعصمة الحاصلة بعقد الذمة عارضة مستندة إلى عقد الذمة والعارض كالمعدوم فصاروا كأنهم غير معصومين وإنما عصموا بإظهار الإيمان والله أعلم. قوله: (ولذهاب أثره) أي أثر إيمانهم معطوف على قوله: «لإيمانهم» والباء في قوله:
«بإهلاكهم» للسببية ومتعلقة «بذهاب أثره» وقوله: «بإطفاء الله» معطوف على قوله بالنار.
قوله: (لما سدوا مسامعهم) الظاهر أنه جمع مسمع بفتح الميمين وهو موضع السمع بمعنى القوة السامعة، فإن السمع قد يطلق مجازا على القوة السامعة المودعة في آلة السمع والإصاخة الاستماع. يقال: أصاخ له أي استمع. «وأيفت» على ما لم يسم فاعله أي صارت ذات آفة وأصابتها آفة فهي موؤفة «وأن ينطقوا» من الإنطاق وضمير «به» راجع إلى الحق
Página 325