258

Comentario sobre el Tafsir al-Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Géneros

حجره وضب خادع وخدع إذا أوهم الحارش إقباله عليه ثم خرج من باب آخر. وأصله الإخفاء ومنه المخدع للخزانة والأخدعان لعرقين خفيين في العنق والمخادعة تكون من اثنين وخداعهم مع الله ليس على ظاهره لأنه لا يخفى عليه خافية ولأنهم لم يقصدوا خديعته، بل المراد إما مخادعة رسوله على حذف المضاف أو على أن معاملة الرسول ثم خرج من باب آخر فإن الضب إذا توارى أي اختفى في جحره أو خرج من باب آخر بعد ما أظهر للحارش أوهمه أن يقبل عليه حين أمر الحارش يده على باب جحره، فقد أزل الحارش عما هو بصدده وأصابه بما هو المكروه عنده وهو إدباره وامتناعه عن الاصطياد له بعد ما أوهمه الإقبال عليه. وقال صاحب الكشاف: الخدع أن يوهم صاحبه خلاف ما يريده من المكروه. وقال الشريف: يعني ويصيبه به كما يدل عليه تفسير أصله الذي أخذ منه، وهو أن يصيب الخادع صاحبه خلاف ما يخفيه من المكروه. فلو قال المصنف: «ويزله» بالواو عطفا على قوله: «يوهم» لكان أوفق بهذا المعنى. والحارش صائد الضب خاص. قوله:

(وأصله) أي أصل الخدع بالمعنى المذكور المتعارف بين العامة بحسب اللغة الإخفاء.

والظاهر أن يقال أصله الخفاء يقال بحسب اللغة: أخدع إخداعا بمعنى أخفى إخفاء، ومنه أي ومن الإخداع بمعنى الإخفاء قولهم: مخدع للمخزن وهو بضم الميم وفتح الدال اسم مكان من الإخداع بمعنى الإخفاء، لأن اسم المكان والزمان والمصدر من المزيد أن يكون على صيغة اسم المفعول منها فأصله ضم الميم إلا أنهم كسروه استثقالا. قوله: (والمخادعة تكون من اثنين) بأن يضمر كل واحد منهما خلاف مراد الآخر ويوهمه الموافقة معه في إرادة حصول مطلوبه ليزله عن ذلك فيكون كل واحد منهما مخدوعا لصاحبه. والله سبحانه يستحيل أن ينخدع من أحد من حيث إنه لا يخفى عليه شيء من البواطن، وأهل الكتاب عارفون بأن الله تعالى عليم بذات الصدور فلا يتصور أن يخدعه أحد فيعلمون بذلك امتناع أن يصدر منهم فعل الخدع فثبت بذلك أنه لا يصح إجراء هذا اللفظ على ظاهره. قوله: (ولأنهم لم يقصدوا خديعته) قال المولى المعروف بخسرو: لأنهم من أهل الكتاب وهم عارفون بأن أحدا لا يخدع الله تعالى. وقد قال في شرح التأويلات: لا أحد يقصد مخادعة الله تعالى مع إقراره بأنه خالقه، قال الله تعالى ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله [الزخرف: 87] انتهى. وظاهر أن ما ذكره بيان وتوضيح للوجه الأول وليس بوجه ثان، فالوجه أن يقال إن قصد خداع الله بإيهام تصديق رسوله فيما جاء به من معنى إضمار الكفر يقع على اعتقاد أن الله تعالى بعثه إليهم وهؤلاء يعتقدون ذلك فلم يكن قصدهم في نفاقهم مخادعة الله تعالى. فثبت به أيضا أنه لا يمكن إجراء اللفظ المذكور على ظاهره بل لا بد من التأويل وهو من وجهين: الأول أن يكون المراد بالمخادعة مخادعة رسول الله صلى الله عليه وسلم إما بناء على حذف المضاف وإقامة المضاف

Página 264