Comentario sobre el Tafsir al-Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Géneros
يستأنسون بأمثالهم، أو آنس لأنهم ظاهرون مبصرون ولذلك سموا بشرا كما سمي الجن جنا لاجتنانهم. واللام فيه للجنس، ومن موصوفة إذ لا عهد فكأنه قال: ومن الناس ناس يقولون، أو للعهد والمعهود هم الذين كفروا. ومن موصولة مراد بها ابن أبي وأصحابه ونظراؤه ناسا لأنهم ظاهرون مبصرون ولذلك أي ولكونهم ظاهرين مبصرين سموا بشرا وهو ظاهر جلد الإنسان، وبشرة الأرض ما ظهر من نباتها كما سمي الجن جنا لاجتنانهم ولاختفائهم عن أعين الناس وتسترهم. قال الإمام رحمه الله: واعلم أنه لا يجب في كل لفظ أن يكون مشتقا من شيء آخر وإلا لزم التسلسل. فعلى هذا الكلام لا حاجة إلى جعل لفظ الإنسان مشتقا من شيء آخر. قوله: (إذ لا عهد) الظاهر أنه تعليل لكون «من» موصوفة على تقدير كون تعريف الناس للجنس لا للحصة المعهودة منه. فإن اللام لما كانت لتعريف الجنس كانت الإشارة إلى نفس الجنس وهو وإن كان معلوما في نفسه لكنه مبهم باعتبار صدقه على أفراده، فلا وجه لأن يعبر عن بعض أفراده ب «من» الموصولة التي هي معرفة إذ لا معهود يشار إليه ب «من» الموصولة على تقدير أن تكون اللام للجنس. فالأوجه حينئذ أن يعبر عنه ب «من» الموصوفة التي هي نكرة. قال الشريف نور الله مرقده ورحمه: جعل «من» موصوفة مع الجنس وموصولة مع العهد مبني على رعاية المناسبة والاستعمال، أما المناسبة فلأن الجنس مبهم لا توقيت فيه فناسب أن يعبر عن بعضه بما هو نكرة، والمعهود معين فناسب أن يعبر عن بعضه بما هو معرفة. وأما الاستعمال فكما في قوله سبحانه وتعالى: من المؤمنين رجال صدقوا [الأحزاب: 23] وقوله سبحانه وتعالى: ومنهم الذين يؤذون النبي [التوبة: 61] ففي الآية الأولى عبر عن البعض بالنكرة بناء على أنه أريد بالمؤمنين الجنس، وفي الآية الثانية عبر عن البعض بالمعرفة بناء على أنه أريد بالمضمر الجماعة المعينة. قيل:
كيف يصح أن تكون اللام في قوله تعالى: ومن الناس لتعريف الجنس مع أنه خبر مقدم وقوله: من يقول مبتدأ مؤخر وعلى تقدير أن تكون اللام للجنس كان المعنى من يقول كذا وكذا من الناس ولا فائدة في هذا الإخبار إذ لا التباس في أن ذلك القائل من جنس الناس؟ وأجيب بأن فائدته التنبيه على أن الصفات المذكورة تنافي الإنسانية فينبغي أن لا يجعل المتصف بها من جنس الناس ويتعجب منه كأنه قيل: انظروا إلى من يتصف بهذه الصفات مع أنه من أفراد جنس الناس، وهل يجترىء أحد من الناس على أن يتصف بهذه الصفات التي لا تصدر من المجانين؟ مع أنه لا يجب أن يكون قوله سبحانه وتعالى: ومن الناس خبرا مقدماو من يقول مبتدأ مؤخرا بل يجوز أن يجعل مضمون الجار والمجرور مبتدأ على معنى: وبعض الناس من اتصف بهذه الصفات ولا استبعاد في وقوع الظرف مبتدأ بتأويل معناه. قوله: (ونظراؤه) أي في الإصرار على النفاق وفي كونه مختوما على قلبه
Página 256